تنشط تجارة تهريب البشر في الدول التي تعاني من الحروب والفقر والظلم، ويعتبر السوريون من أكثر الشعوب استهدافا من قبل المهربين، بسبب المعاناة التي طال أمدها ولا يلوح لها حل في الأفق القريب، لقد انتظر السوريون خمس سنوات وهم يصرفون من مدخراتهم ومن المساعدات التي تأتي من دول الخليج ومنظمات الإغاثة العربية والإسلامية والعالمية، وتحملوا الإقامة في مخيمات اللاجئين القريبة من الوطن سورية على أمل العودة قريبا لبيوتهم ومدنهم وقراهم، لكن مازالت رخصة القتل الممنوحة لبشار الأسد من قبل إيران وروسيا صالحه ولم تنته مدتها.
لم يجد السوريون ملاذا في وطنهم وفي مخيمات اللجوء مما اضطرهم الى البحث عن وطن بديل ولو مؤقت حتى تنتهي مأساة سورية، وكان الخيار أوروبا موطن حقوق الإنسان والعيش الكريم كما يعتقدون ويسمعون، وبدأ البحث عن تجار تهريب البشر الذين ينشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، ويوفرون جميع أنواع الرحلات من رحلات خطرة إلى رحلات خمس نجوم حسب استطاعة الشخص المالية، وتكلفة الرحلة تبدأ من خمسمائة دولار للشخص في شاحنة تهريب السجائر إلى عشرة آلاف دولار للشخص بطائرة خاصة تقلع من تركيا وتهبط في السويد.
حسب تصريح الكولونيل غيرالد تاتسغيرن رئيس شرطة مكافحة البشر في النمسا، توجد أكثر من ألف عصابة لتهريب البشر في بلغاريا والمجر وصربيا ومقدونيا ورومانيا وتجني مليارات الدولارات من أعمالها في تهريب البشر، ولقد جنى حزب العمال الكردستاني في الشهور القليلة الماضية أكثر من ثلاثمائة مليون دولار من تهريب السوريين الى أوروبا.
في تصريح لجريدة واشنطن بوست قالت إيزابيلا كوبر المتحدثة باسم حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) بعد الحوادث المأساوية للاجئين في البحر اتجه المهربون الى دول البلقان لقربها ولسهولة الدخول منها لأوروبا، كما صرح روبرت تشربيكو رئيس مكافحة الجريمة المنظمة في يوروبول بأن كثيرا من شبكات تهريب المخدرات اتجهت لتهريب البشر بسبب الأرباح الكبيرة التي يجنونها من هذه التجارة التي أصبح حجمها اكبر من تجارة المخدرات والسلاح الممنوع.
لقد فجعنا وفجع العالم أجمع بحادثة غرق الطفل السوري إيلان الذي كان ضحية النظام السوري وضحية تجار البشر وضحية الإنسانية أجمع، ونرجو من الله أن تكون هذه الحادثة هي المحرك للمجتمع الدولي لإنهاء الأزمة السورية التي طالت وطالت معها معاناة السوريين.
[email protected]
dmalhajri@