ضاري المطيري
لا شك أننا كلنا فزعنا من الأحداث المأساوية في غزة، وما لاقاه إخواننا هناك من ويلات القصف الجائر وسط صمت عالمي وتواطؤ عربي وخذلان إسلامي، ويبقى توحد رأي المسلمين لنصرة أهالي غزة يذكرنا بالأحداث التي أعقبت التعدي على ذات النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الدول الجائرة كالدنمارك والنرويج وهولندا، حيث وقف المسلمون وقفة رجل واحد، نعم «لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم»، فانظر كيف يسخر الله الأحداث والأقدار لتكون سببا لوحدة الصف الإسلامي ليرمي خلافاته وراء ظهره ويوحد جهده في إعلاء كلمة الله ونصرة نبيه صلى الله عليه وسلم.
أين هم المتيمون بحب أميركا والعاشقون لأوروبا الغربية؟ أين هم المغررون بالغرب المتحضر؟ أين هم من هذه الأحداث والوقائع التي تأتي تترا لتبرهن لنا قسوة قلوب كثير من الساسة الغربيين، وكيف تكون الإنسانية التي يتغنون بها عندهم، وكيف هي مبادئ الحرية والرحمة والعطف التي يدعون إليها.
بالأمس القريب قرأت خبرا صحافيا مفاده أن هيئات حقوق الحيوان تستنكر الطرق الوحشية التي يتم بها القضاء على الكلاب الضالة في شوارع بغداد، أيعني ذلك أن الكلاب صارت أنفس قيمة من أرواح الأطفال والنساء والشيوخ عندهم، لاشك أن هذا يفسر لنا انقلاب الفطرة السوية لدى الدول الاستبدادية التوسعية التي لا تقدر قيمة الإنسانية، وإن زعموا ذلك، فالغرب لم يتحرك في قضية كوسوڤا والشيشان إلا بعد دفن القتلى في مقابر جماعية، ولم يتدخلوا في أفغانستان والعراق إلا بعد تهديد مصالحهم.
من فوائد المحن والبلايا زيادة الإيمان واليقين لدى المسلم (وليمحص الله الذين آمنوا)، وتميز المؤمن من المنافق (ليميز الله الخبيث من الطيب) وهكذا هي سنة الله إلى قيام الساعة، فبعد انتصار الإسلام في معركته الحربية الأولى بدر الكبرى اختلط الأمر، وبدأت ظاهرة النفاق في الانتشار ولم تكشف تلك الظاهرة كمثل ما حدث في غزوة أحد وحشد الأحزاب في غزوة الخندق، فالأحداث الأخيرة في غزة كشفت لنا المتآمرين والعملاء وما أكثرهم، وبدأ انحسار المتخاذلين والمخذلين وما أسوأ أثرهم على الأمة، فلينشغل بعد ذلك المنشغلون هذه الأيام بشراء شجر الكريسماس المحلاة بالهدايا والأضواء فالوقت جدا مناسب، ولتستبدل الأضواء والمفرقعات بنيران القصف، ولتستبدل قناني «الرد ليبل» خاصة بعد مصادرة الجمارك لها بدماء ضحايا غزة.
ورد: بعد نشر مقالتي والتي كانت بعنوان «مزعلين العفاسي.. عسى ما شر؟» وصلتني رسالة من القارئ مشاري راشد العفاسي وفيها «ألف شكر على المقال المميز»، وكان الرد مني برسالة أخرى وفيها «تستاهل أكثر، واسمح لنا على القصور»، ومن محاسن الصدف أن الشيخ نبيل العوضي كتب عن نفس الموضوع في الزميلة «الوطن» باليوم نفسه».