فايز النشوان
الحركة الدستورية الإسلامية من أهم التيارات السياسية في البلاد واستطاعت طوال عقود من الزمن فرض نفسها على الساحة السياسية والتواجد بقوة في مجلس الأمة عن طريق نوابها المحسوبين عليها، ولـ «حدس» استراتيجيات تتمتع بالليونة والخفة في التعاطي مع الواقع السياسي والاجتماعي، وكل ذلك أقوله عن حدس وهو حق لابد أن يقال عنها بالرغم من معارضتي للكثير مما طرحته، وتضاد فكري معها بالرغم من أنني أعتبر نفسي ذا توجه إسلامي يجمعني معهم لكن الحق أحق أن يقال واختلافي معها لا يعني كرهي أو سخطي عليها بل على العكس.
«حدس» الآن تواجه مفترقا صعبا في طريق مسيرتها السياسية ويتمثل بعد جرحها في مسألة شركة «الداو كيميكال» التي فشلت في الترويج لها وإقناع الناس بأهميتها البالغة وقيمتها المضافة على الاقتصاد الوطني كما كانت تزعم، ونتيجة لرفض الحكومة لهذا المشروع «المريب» تريد الحركة حفظ ماء وجهها أمام الناس وأمام كوادرها لذلك تعالت أصوات داخل صفوف الحركة بما أسميه ثأرا على خذلان الحكومة كما ترى حدس لها ويريد بعض منتسبيها استجواب سمو رئيس الوزراء كرد فعل على رفض الحكومة للمشروع، وهو مطلب شباب الحركة الذين يرون أن حدس لابد أن تبين للجميع أنها ليست طرفا سهلا أو عاديا لكي يتم احتواؤه بسهولة.
غير أن حدس عودتنا دائما أن صوت العقل هو الذي يعلو، وصوت العقل والحكمة يقولان إن خطوة استجواب رئيس الوزراء سيكون لها أثر سلبي على الحركة، وستكون لها تبعات قد تحيد حدس أمام جماهيرها وتقلص تواجدها مستقبلا، فهي خطوة بلا شك بعيده عن الحكمة، ولا تصنف إلا في حيز الانتصار للنفس دون النظر إلى ما قد يكون بعدها من تبعات سلبية على البلاد والعباد.
نحن نراهن الآن على عقلاء حدس وهم كثر في أن يتجاوزوا جراحهم، ويقفزوا على ما جرى، ويتفهموا وضع الحال السياسي في الوقت الراهن وتأكيد مبدأ أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع، ولا يحدوني أدنى شك في أن الحركة لن تمضي قدما في استجواب سمو رئيس الوزراء وأظن أن مسألة التحقيق في إلغاء «الداو» أوفت بالغرض وحفظت للحركة ماء وجهها وأكثر.