من ينظر للمشهد السياسي بين الحكومة والبرلمان يراه كثير التعقيد، ومتأزما حد التجمد، ومتشنجا لدرجة التصلب، وهو ما لا يستقيم مع السياسة، بألوانها المتداخلة، ومناوراتها المتتالية، ومواقفها المتنوعة بحسب المقتضى، من موقف يكون جامعا أو مشتتا للآراء، أو قضية تحظى بإجماع شعبي وسياسي، أو حالة استثنائية غير متوقعة تتطلب معها دراسة ورأيا مختصا، قبل البت بقرار نهائي سواء كان برلمانيا أو حكوميا بشأنها.
العلاقة بين الحكومة والبرلمان هذه الأيام أشبه ما تكون بلعبة «الدامة» الشعبية، وهي رياضة ذهنية ضاربة في القدم، يرجعها المؤرخون إلى قدماء المصريين (الفراعنة)، فيما ينسبها نفر آخر إلى الهند بلاد الحضارات المتداخلة، واللغات المتشابكة، وقد عرفت في الكويت منذ عقود طويلة، زاولها محبوها على ظهر السفن بعرض البحر، وفي قلب الصحراء مرتحلا ومستقرا، وبين «الفرجان» (الأحياء الشعبية)، يجيدها الشباب ويتقنها الكبار، وهي دائما تنتهي بفائز وخاسر، من يجيد التكتيك، ويحكم الخطط التي تمكنه من اجتياز منطقة خصمه، مضحيا ببعض القطع، ويعرف متى «يأكل» (يقضي على) دفاعات خصمه، ويحصل على «شيخ الدامة» في نهاية اللعبة، مع ابتسامة ودية مشتركة للفائز والخاسر، وكان الحال كذلك بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في السنوات الماضية، بل لعقود طويلة، ولكن الحال وللأسف الشديد وصل لمرحلة متقدمة متصلبة هذه الأيام، وكأن العمل المشترك بينهما أصيب بـ «كورونا» متحورة مستجدة وغير مكتشفة للعالم بعد، لم يجد الطب لقاحا فعالا لها، ولا يعرف سببا وحيدا لتدهورها، فلا حديث مشتركا، ولا عمل منجزا، وكأن مهارات السياسيين قد تخلت عنهم، أو كأنهم لم يلعبوا يوما «دامة» فيستعينون ببعض من «تكتيكاتها» المحببة، لتجاوز أزمة طارئة.
وما يؤسف له أن هذه القطيعة من شأنها أن توقف حال البلاد والعباد، وهو ما لا يتمناه الجميع.
[email protected]