ما إن نال الثقة السامية من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، حتى أناخت برحلها ورحالها على مكتبه غير منتظرة أناة، لم يردعها تردد عدم انقضاء الأسابيع الأولى لتوليه مهامه الجديدة عن نقض كل غزلها على مكتبه، وكأنها قد ضربت موعدا لم تخلفه.. وكان سمو الرئيس في الانتظار، لم يتبرم، ولم تجد مفردة الإحباط طريقا للخروج من بين كلماته المنتقاة، بل دعا إلى «ضرورة الانتقال من حالة التذمر إلى الخطوات الجادة نحو المعالجة، لأجل سمعة الكويت وثقة أهلها» وذلك من عزم الأمور.
كل الملفات أضحت شديدة الخطورة والحساسية فجأة، وكأنها «إشارات المرور» وقد أصابها طل تساقط فجأة من سماء صافية فعطلها جميعها دفعة واحدة، فأضحت بلون أحمر واحد تمنع المرور على الجميع، وتطلب معالجة سريعة لكي لا تكثر الحوادث ويزداد تبرما و«تحلطما» المترصدون، ولتعود الحركة انسيابية كأفضل عهودها السابقة.
جميع دول العالم أغناها وأفقرها، أكثرها وأقلها، انكبت على وجهها تكافح جائحة كورونا، بمناعة القطيع، بالحجر المنزلي أو المؤسسي، بالوعود والدراسات، بالسجن والهراوات، إلا في الكويت، لم يكن الوباء وحده مصدر الحدث، بل كان الملف الأول الذي وضع على مكتب سموه ليسحب كل الملفات المتخمة في إثره واحدا تلو الآخر، والعين ترقب، وشعب ينعم بهامش كبير من الحرية عزت على أقرانه في محيطه الإقليمي يعلق الآمال، ويرصد بدقة خطوات سمو الرئيس وفريقه الوزاري، في كيفية التعامل مع كل ملف على حدة، ولا يطلب سوى النجاح الكامل، هكذا اعتاد، وهكذا أصبح مزاجه العام، وللشفافية المؤسسية والشعبية هامش كفيلا بتحقيق الرؤية الكافية للحكم والتقييم.
سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، ديبلوماسي عركته ملفات الشرق الأوسط المتشابكة، وأزماتها الطاحنة لسنوات طوال، تعامل معها بصبر وأناة ونفاذ بصيرة، ليترك في كل ملف منها منارة للكويت وضاءة، وكلمة طيبة رددتها قلوب صادقة، ورأي سديد لا يختلف عليه اثنان ذوا عدل، فكيف به الحال وهو يتعامل مع ملفات وطنه الساكن في أعماقه، إنه لحمل كبير ومسؤولية ثقيلة، وظرف استثنائي بالغ الدقة، ولكن لا ضير فهذا قدره، وتلك مهمته الأسمى التي ارتضى بنفس طائعة راضية، ولا قلق على من اتخذ من الوطن نهجا، والدستور بأدواته سلاحا، وسمو الأمير قائدا ومعلما ومرشدا.. وكأن الكويت ادخرت «اليد البيضاء» لهذه الأيام.
[email protected]