تعيش الأمة الإسلامية هذه الأيام ذكرى استشهاد سبط النبي وسيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي بن أبي طالب سلام زكي عليه وعلى أبيه أمير المؤمنين، في موقعة أدمت خاصرة الأمة وأوجعت وجدانها الإنساني وضميرها النقي، وما من مسلم إلا ويتملكه الأسى والحزن على ما حل بعترة المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، في واقعة الطف بكربلاء، رافضا ذلك المصير الدموي لأهل بيت النبي الأكرم، والذي ترك ندبة في جبين الأمة لم يمحها تبدل السنين وترادف القرون.
الدروس والحكم المستخلصة عديدة لا حصر لها، وأكبر من أن يحتويها مقال صغير لذي فكر محدود، لكن تبقى جذوة الشهادة وقادة بالعبر، دافعة إلى السمو في أعلى مراتبه، محرضة على اتخاذ نهج الإصلاح، وإرساء العدل، وإن بعدت الشقة، وقل النصير والمعين، وعظمت التضحية بسفك الدم الطاهر، لينتصر السيف على العقل، والقوة على الحجة والدليل ولو مؤقتا، في مرحلة يجمع علماء الأمة على سوداويتها التي لا تطاق.
تفاخر الشعوب والأمم بمناراتها العلمية والأدبية، بعلمائها، بتضحيات ثائريها الذين قدموا حياتهم لأجل استنهاض الأمة، والإبقاء على الأمل حيا في القلوب لمستقبل أفضل، والأمثلة على ذلك كثيرة، فهناك الطبيب الأرجنتيني المولد الثائر اللاتيني ارنستو «تشي» غيفارا، وهناك المحامي الهندي موهنداس كرمشاند غاندي قائد ثورة العصيان المدني، والمنادي بالمساواة في أميركا د.مارتن لوثر كينغ، والقائمة تطول بطول الأرض وعمق التاريخ، ولكن إن تفاخرت الأمم بتلك التضحيات الجسام، فيأتي أبا عبدالله الحسين على رأس المضحين - ولا يقارن بغيره - وهو العالم الجليل، سليل الصفوة المنتجبة، ابن البتول فاطمة وأمير المؤمنين علي، وحفيد خير البرية أجمعين، وكيف يكون سواه وقد وضع أسرته الكريمة، وأهل بيته وخاصته تحت ضرب السيوف، وطعن الرماح، ليس لغاية دنيوية زائلة – وقد خير بأفضلها - وإنما لإعلاء كلمة الله صادحا بالحق.
الحسين.. معين لا ينضب لكل البشرية وليس حصرا للمسلمين بعينهم، وشمس وضاءة بالخير مشرقة متجددة، نبراس الهدى مدرسة كل العصور التي تهفو إليها القلوب شوقا ولهفة وطلبا للتقوى واستزادة من معينه الذي لا ينضب دينا وأدبا وعلما وحكمة.
والختام مسك بقول المصطفى المختار رحمة للعالمين صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار: «حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الأسباط».
[email protected]