يعتبر المواطن القادر على العطاء اليوم في الكويت مختطفا، وحبيس فكرة محورية هي السكن، الأمر الذي يجعله غير قادر على الوصول إلى قمة عطائه لبلده في وظيفة حكومية محدودة الدخل غالبا، يلهث في كل اتجاه ليسكن شتات فكره وجسده، وفي الأخير أسرته ملت التنقل والإيجار.
وفي الوقت ذاته، نجد الحكومة عاجزة عن إيجاد حل غير الحل التقليدي الذي يحصل من خلاله المواطن على سكن، وقد أوشك أن يصبح جدا أو أبا لجامعيين، بسبب استهلاك بند الرواتب أغلب الميزانية العامة للبلد دون وجود ما يكفي منها لسد فواتير البنية التحتية وقروض الائتمان المستقبلية.
السؤال هنا هو تملك الدولة حلا ناجعا كلفته لا تصل إلى كلفة الحلول التقليدية العقيمة؟ على افتراض أنها ترغب فعلا في إيجاد ذلك الحل دون مجاملة خفية لملاك العقارات المتنفذين في الدولة، والذي جعلوا من فرصة الحصول على سكن مناسب لأسرة معقولة الدخل أمرا بعيد المنال، وبل وأشبه بالمستحيل، نعم، لقد وجدت الحكومة ذاتها الحل عبر أحد وزراء الإسكان السابقين فيها وهو د.عادل الصبيح الذي يعتبر أحد كفاءات الدولة الاقتصادية والتطويرية، ولكنه لم يتمكن من تحقيق حله ورؤيته لمسائل وعقبات سياسية ليس هذا مقام ذكرها.
يتمثل المدخل المقترح لحل الأزمة الإسكانية في مبدأ الاقتراض الوافي الذي يتزامن مع تحرير الدولة للأراضي الفضاء الشاسعة جنوب وشمال البلاد، وعرضها على المطورين العقاريين لتحقيق هامش ربح محدد من خلالها مع مراقبتهم في مراحل التطوير والبيع، مع مساهمة البنوك في الإقراض لإتمام هذه العملية الضخمة التي من الممكن أن تنعش الاقتصاد بسبب الاستقرار الاجتماعي الذي سيحصل جراءها.
تقدم د.الصبيح بهذا المقترح وكرر تقديمه مرارا مع شروحات وافية على منصات التواصل الاجتماعي بغية التفات الحكومة وأصحاب القرار له، وهو الذي حصل مؤخرا عبر رئيس ديوان رئيس مجلس الوزراء السيد عبدالعزيز الدخيل بطلب عرض مقترح الصبيح على مجلس الوزراء للنظر في تشكيل فريق متخصص لدراسته وإبداء الرأي فيه.
لطالما ارتبطت إنتاجية الفرد بمدى شعوره بالأمان والاستقرار المالي والاجتماعي في بلده، وهو الأمر الذي يشكل هاجسا لفئة الشباب اليوم في الكويت، فأكثرهم يسكن مع أسرته الصغير إما في مسكن العائلة أو في شقة صغير لا تلبي رغبته وطموحه، إن قرارا كهذا من أصحاب القرار بتبني مقترح حل الأزمة الإسكانية سيكون له التأثير المباشر على الفرد والمجتمع، يتكون كلفة المسكن أكثر من السابق نعم، ولكنها في حدود ميزانية المواطن بشكل عام، وهو هنا يشتري وقتا يتراوح بين ١٥ و ٢٠ سنة مقابل مجانية عقار يسمع به ولا يراه.
نتمنى أن نرى نحن اليوم نتائج هذا المقترح، وألا يكون قيد الدراسة لفترات طويلة حتى يتم نسيانه وإهماله، والمضي قدما في إنجاز التوزيعات السابقة في مدينة المطلاع وجنوب سعد العبدالله بشكل أسرع، حتى ننعم نسبيا بأقل مقومات الاستقرار والمعيشة الآمنة في ظل بوادر الاستقرار السياسي الذي أصبحنا نشاهد علاماته بين السلطتين وعموم الرأي العام.