الفوضى دائما ما تصبح نهجا مدمرا اذا تم دعمها من قبل جماهير غير منصفة وغير واقعية والذين همهم الأوحد هو تشجيع أصحابها تحت مسميات متعددة ومختلفة الألوان.
وها نحن اليوم نشاهد ساحة مكتظة بالفوضويين الذين يمارسون ابشع أساليب التعديات والتجاوزات والترضيات من اجل نفخ بلونة مصالحهم الخاصة تحت غطاء الغش السياسي المتمثل في دعواتهم الإصلاحية الزائفة وللأسف يتم بدعم لوجستي من اتباعهم الذي يهرولون خلف مكاسبهم المشبوهة، وهذا يتم على حساب أحقية الآخرين من المصلحين الحقيقيين، والذين أصبحوا اليوم ضحايا نفاق هؤلاء الجماهير المتحمسين لحلب المكاسب المتاحة تحت قدراتهم ولو كان هذا الحلب غير مشروع وغير أخلاقي!
الفوضى لا يمكن أن تعالج ألا بكسر أساساتها التي بنيت تحت ظروف معينة وتحت ترضيات وضغوط معينة جاءت لمصالح متنفذين كان همهم الأول والأخير هو الحافظ على كراسيهم ومكاسبهم التي جاءت بدعم الفوضويين، وحل هذه المعضلة يجب أن يبدأ بكسر تلك القواعد وقياداتها من خلال البدء بنهج جديد يقاد من رجال دولة مخلصين لا تهمهم المراكز بقدر ما يهمهم تصحيح المسار الأعوج الذي تأسس من سنوات طويلة، وأهم صفات تلك القيادات القدرة على اتخاذ القرار خاصة بشأن العمل على إلغاء باب الترضيات حتى لو كان الثمن مواجهة هؤلاء الفوضويين الذين يرون ساحاتهم نظيفة وساحات الآخرين ملوثة، قد يكون واقع التصحيح مكلف الثمن ولكن إصلاح الخلل دائما يحتاج المواجهة وإن كانت الخسائر كبيرة، والأهم هو البدء بمحاربة المقربين وأصحاب النفوذ من الفاسدين، حتى وإن كانت المواجهة صعبة إلا أنها ستنجح في نهاية المطاف، لأن الحق أحق أن ينتصر على الباطل.
قد يكون هذا الأمر ليس بالأمر السهل، ولكن اصبح واقعا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اجل رسم خارطة طريق جديدة تحكمها قوة القانون تبدأ بتحطيم أصنام النفاق والفوضى، هنا غالبا ما ستلجأ الجماهير الفوضوية الى إعادة حسابات من جديد والتي ستكمن في احترام الخارطة الجديدة التي يحكمها القانون وليس قوة متنفذين يتحركون وفق توجهاتهم المشبوهة، نعلم تماما ان تغيير النهج لن يأتي بين عشية وضحاها، ولكن قد يأتي مع جيل جديد سيتأقلم مع هذه الخارطة الإصلاحية وسيجد نفسه ملزوما باتباعها، ومن هنا الإصلاح سيصبح ثقافة مجتمعية معززة بالإنجاز والتطوير، بدلا من ثقافة اليوم المعززة بالتجاوزات والفساد والترضيات والتي نتج عنها اختفاء الكفاءات وتحطيم كل طموحهم بسبب قوة المتنفذين كما هو المشهد اليوم.
قد يعتبر البعض.. ما أقوله مجرد تنظير وبعيد عن التطبيق، وأنا أقول نعم تنظير اذا لم تكن هناك نفضة وغربلة لواقعنا المرير، ولكن ممكن أن يتحول لواقع نراه اذا كل شخص منا حاول ان يساهم في إصلاح الحالة على الأقل من اجل بلد جميل منحنا كل شيء، لذا علينا مسؤولية إصلاح الحالة من أجل أجيالنا المقبلة ويكون معافى من مكونات الفساد التي تحتاج إلى وقفة جادة تتمثل في إرادة مجتمعية حقيقية لمواجهة من استغل بساطة وثقة الناس لمصالحه الضيقة على حساب الوطن.
[email protected]