ليس هناك أمتع من متابعة جيدة لعمل فني يثير داخلك المشاعر الإيجابية الجميلة وينقلك من عالم الصراع والحدة والتطاحن لعالم وردي تنشد سلاما عالقا فيه وسكينة حلوة.
نحن دخلنا عالم الصراع السياسي والاقتصادي والدوشة التكنولوجية، وجدنا أنفسنا في عالم العمل الرديء مع تغير النفوس، لم تعد هناك أعمال جميلة تضفي الهدوء والراحة النفسية، فقدنا أعمال الستينيات الكويتية والعربية ولم نعد نرتاح سمعا ونظرا لما نتابع فاختفت حياة الفهد بضحكتها وفاتن حمامة برومانسيتها، فبات ما نسمع ونرى يضيف المزيد من الأزمة الضجيجية والتأثر السلبي، إلا من قلة، من هذه القلة يطل عليك فيلم ولا أبدع «الرسالة في الزجاجة» للرائع كيفن كوستنر بمشاركة روبين رايت بن، رغم ما يزيد على العشر سنوات بعد إنتاجه إلا أن تأثيره مازال بالغا على مشاهديه، فقد انتج عام 1999م فحين تراه بعد مرور كل تلك السنوات تظن أنه منتج حديثا وكلما تابعت أحداثه تأثرت أكثر بقصتي الوفاء والحب الموجودتين فيه، كأن ما نراه للمرة الأولى وكأنها المشاهدة الأولية له رغم عرضه الطويل والمتكرر. فلماذا يشدنا الفيلم رغم الرؤية السابقة ورغم كل تلك السنوات؟ هل هي حاجتنا للرومانسية التي غرسها داخلنا فيلم الأبيض والأسود؟ هل هي الحاجة للحب في زمن قل فيه وكاد يمحى؟ هل هو الوفاء النقي في علاقة ثنائية لا ثالث فيها؟ هل هي الموسيقى الخيالية المصاحبة له والتي تعمل على شدك بقوة لمناظره ولقطاته وتنقلك لعالم خيالي التأثير تثير داخلك ملايين المشاعر المخبأة بشكل قسري؟ هل هو كيفن كوستنر الهادئ ذو الأداء الطبيعي صاحب النظرة واللفتة والابتسامة المعبرة؟ هل تأثير روبين الطبيعي علينا؟
(هل) هنا لن تنتهي.. تعطي الدلالة القاطعة على نجاح فيلم سيستمر لسنوات طوال آتية.
نراه ونتابعه وتتكرر تلك المتابعة، تنشد الحب فتراه وتطلب الإخلاص فتجده وتبكي كلما انتهى الفيلم لقساوة النهاية وكأنك ترى تلك النهاية للمرة الأولى، تستمتع لتلك الموسيقى المبدعة والمصاحبة لتطوح بك بعيدا في عالم المؤثرات الحسية والسمعية الرائعة.
العمق العاطفي الذي تراه وتلمسه وتحسه في فيلم «الرسالة في الزجاجة» أجمل ما تخرج به من رواية عظيمة لروائي عظيم الأميركي نيكولاس سباركس الرومانسي الذي يملك الرصيد الكبير من الأعمال الروائية العاطفية.