كثيرا ما نسمع «الكويتي أولى بأموال الكويت.. الحكومة توزع المليارات للخارج والكويتي محتاج.. ملايين ديرتنا راحت لدول ما نعرفها.. الحكومة تضيع أموال الكويت لصالح دول لا ترى على الخريطة وشوارعنا متهالكة.. عطونا مثل ما تعطون الخارج»، وغير ذلك من العبارات التي تأتي في نفس الاتجاه وهذا الأمر منذ فترة زمنية بعيدة، إلا أن هذا الطرح بلغ ذروته في الأيام الأخيرة مع حملة المطالبة بإسقاط القروض.
هذا الطرح مؤسف أن أغلبية الرأي العام ليست لديها الثقافة التي يمكن من خلالها معرفة أهمية هذه القروض والمنح من الكويت للدول الأخرى وللمنظمات العالمية المختلفة والتي تفوق في أوقات كثيرة أهمية معالجة بعض القضايا الداخلية.
لامجال للمقارنة بين القروض أو أي قضية داخلية وبين السياسة الخارجية للكويت ولا مجال لان يكون الصندوق الكويتي للتنمية «الذراع اليمنى» لوزارة الخارجية طرفا في أي نقد للحكومة أو تقصير منها تجاه الداخل. الكثير من المواقف الكويتية تجاه الخارج تكون أحد أمرين:
الأول: تحقيق مصلحة للكويت وليس لفئة دون أخرى.
والثاني: التزام باتفاقيات ومعاهدات دولية وقعت عليها أو منظمات دولية بحكم عضوية الكويت فيها، وجميع ذلك الهدف منه تحقيق مصالح عليا ولعل الدليل على أهمية هذا الأمر موقف دول ومنظمات العالم من الغزو العراقي الغاشم.
لنختلف مع الحكومة ولنطالبها بكل الوسائل ولكن دون الإضرار بسياستنا الخارجية المميزة والتي تجاوزنا من خلالها الكثير من العقبات والمحن وما يحدث مؤخرا في منطقتنا كافٍ لمعرفة متانة علاقات الكويت الخارجية ونجاح ديبلوماسيتها وقدرتها على التوازن في وقت فشل فيه كثير من الساسة على مستوى العالم.. المقارنة والربط بين إسقاط القروض وسياسة الكويت الخارجية ربط خاطئ ولا يخدم المطالبة بإسقاط القروض التي يمكن طرحها بأكثر من طريقة وبأساليب واقتراحات مختلفة وبشكل علني بعكس دهاليز وخفايا العلاقات الدولية التي من المستحيل مناقشتها وطرحها للعامة وهو ما يدفع الدول إلى الاحتفاظ بأسرارها الخارجية وعدم السماح بنشرها إلا بعد مرور فترات زمنية تصل إلى 50 عاما، وغالبا ما يكون النشر بشكل جزئي وبعضها تحفظ للأبد.. وهنا نقول: إلا سياستنا الخارجية يا سادة.. هذا ودمتم.
[email protected]