نص دستور الكويت على حق المواطن في الصحة والعلاج ومسؤولية الدولة عن ذلك، وهذا يعني أن من حق المواطن على الدولة أن تكفل له العلاج سواء في الداخل من خلال نظام صحي يملك إمكانات تلبية الاحتياجات وتقديم الرعاية عالية الجودة في جميع التخصصات أو في الخارج إن لم تتوتفر الإمكانات اللازمة ودون أي منة. ولكن لكي يحصل المواطن على هذا الحق في الوقت المناسب، فإن الدولة عليها مسؤولية تبسيط الإجراءات وحفظ كرامة المريض وتوفير الراحة له أثناء مرضه وبالسرعة الممكنة ليتلقى علاجه بالخارج لعدم توافره في الدولة.
ومن غير المقبول ما يحدث في اللجان الطبية ببعض المستشفيات من روتين بالٍ وعقيم أو أن بعض اللجان ليست بها كفاءات طبية وطنية ويترك القرار لمن ينتمون إلى جنسيات وافدة ويكتفي المدير أو رئيس القسم بالتوقيع. أضف إلى ذلك روتين طلب ومتابعة التقارير ثم اعتمادها من الوزارة وبعدها تبدأ الإجراءات في إدارة العلاج بالخارج والمالية وحجز الطيران والسفر وكل ذلك مقبول في حالة تمتع المسافر وذويه بالصحة ودون إرهاقهم.
ولكن في بعض الأحيان تكون حالة المسافر الصحية متدهورة ويجب إيفاد المريض للخارج بأسرع ما يمكن، ومع الأسف بيروقراطية وزارة الصحة لا توافق على سفره حتى لو أنه أفنى حياته في خدمة الوطن وتعليم وتخريج الأطباء الجدد وحاز عدة جوائز وعلى مستوى العالم لأبحاثه وإنجازاته، لكن الوزارة لا تقدر ذلك وتسمح لبعض الأطباء الوافدين في اللجان، والتي خلت من أي كفاءة وطنية، أن يقرروا له عدم الحصول على العلاج بالخارج كمكافأة له. ولا أبالغ إن قلت إن بعض المرضى قد ينتقلون إلى رحمة الله قبل الانتهاء من إجراءات السفر للعلاج بالخارج بسبب الروتين البالي، وما أكثر تصريحات المسؤولين المتعاقبين عن الربط الإلكتروني بين المستشفيات والعلاج بالخارج والمكاتب الصحية ووزارة الخارجية، ولكن هذه التصريحات لم تترجم على أرض الواقع وزاد عليها من آن لآخر تصريحات عن تكاليف العلاج بالخارج، وكيف أنها ترهق ميزانية وزارة الصحة، بينما لو كان النظام الصحي متقدما ويوفر الإمكانات وتتم إدارة موارده بصورة صحيحة وبكفاءة ما كنا نحتاج إلى العلاج بالخارج لحالات كثيرة.
إن إصلاح النظام الصحي وإدارة أموره بمهنية وكفاءة لا يحتاج إلى معجزات، بل يحتاج إلى تخطيط علمي وخبرات متخصصة في الإدارة الصحية الحديثة، ولكن للأسف الشديد فإن الأمور الصحية تدار على المستويات المختلفة بارتجالية وبردود أفعال عاطفية وبعد ذلك تفوح من أحاديث المسؤولين عن العلاج بالخارج رائحة المنّة واتهام المواطن بالتكالب على العلاج بالخارج، بينما الخلل في الداخل إداريا وفنيا على مستوى النظام الصحي بأكمله.
فلتكن البداية بإصلاح صحي حقيقي قبل أن نتهم المواطن الذي يعاني من المرض بالسفر السياحي، وليعرف الجميع أن من يتولى المسؤولية يجب أن يتفانى بخدمة الشعب وليس بإرهاق المريض وذويه بإجراءات معقدة تؤدي إلى مضاعفات صحية ونفسية واجتماعية.
ارحموا المرضى ووفروا الطاقات الوطنية باللجان ولا تتحدثوا عن المنّة بالعلاج بالخارج الذي يشهد على فشل إدارة الملف الصحي في الداخل، بالرغم من ميزانية تزيد على المليارين سنويا لوزارة الصحة.