اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات جادة وحادة على الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام منذ أيام عن دخول 1000 حالة إيدز للبلاد واكتشافها عند إعادة الفحص الطبي وقبل منح الإقامة، ووفقا لما جاء بالخبر فإن مصدر الإحصائيات هو تقارير رسمية صادرة عن وزارة الصحة، ومن خلال الموقع الذي شغلته بالوزارة كرئيس مكتب الإيدز والإحصاءات والمعلومات فإن هذه الإحصائيات وما يمكن أن يترتب على تلك الحالات من انتشار العدوى بين الشباب تؤدي إلى تقويض أي جهود تم بذلها وأدت إلى نجاح الكويت في حماية الأمن الصحي والسيطرة على الأمراض الوبائية ومن بينها الإيدز من خلال استراتيجيات متعددة المحاور أثبتت نجاحها ومن خلال التشريعات والتوعية والعلاج والدعم للمرضى.
ومن هذا المنطلق فإن دخول 1000 حالة من العمالة الوافدة للبلاد حتى لو كان في 5 سنوات يستوجب التدقيق والبحث عن الثغرات التي أدت إلى ذلك سواء خارج البلاد أو داخلها وإصلاح الخلل في منظومة فحص العمالة الوافدة والضرب بيد من حديد على كل تجاوزات أو محاولات للتحايل والعبث بالأمن الصحي.
لقد كانت سعادتي غامرة عندما تشرفت بتمثيل بلدي في المحافل الصحية الدولية وفي الأمم المتحدة لعرض إنجازات الكويت للوقاية والتصدي للإيدز منذ اكتشافه على مستوى العالم في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، ولكن ما تم تداوله من تعليقات بوسائل التواصل الاجتماعي حول 1000 حالة إيدز دخلت البلاد يجب ألا يمر مرور الكرام وأن تتبعه إجراءات مسؤولة وجادة لحماية الأمن الصحي والمحافظة على ما تم من إنجازات في هذا المجال الذي تتمحور حوله إحدى غايات الهدف الثالث من الأهداف العالمية السبعة عشر للتنمية المستدامة حتى عام 2030 وهو ما يكشف عن تداعيات العدوى بالإيدز على التنمية المستدامة بالرغم من رسائل التوعية التي تحاول التخفيف من تبعات العدوى بالإيدز، إلا أن الأمن الصحي خط أحمر وسياج واق للوطن والأجيال المتعاقبة ويجب ألا نسمح بالعبث بالأمن الصحي وفتح هذا الملف المهم من جانب من يهمه الأمر من الغيورين على أمن الوطن وإنجازاته في مجال الصحة العامة ومكافحة الأوبئة.
ولا يفوتني أن أتوجه بالتحية للمخلصين الذين كانوا وراء اكتشاف تلك الحالات قبل منحها الإقامة بالبلاد واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها بما في ذلك نشر الإحصائيات وعرض المشكلة بلغة الأرقام وبشفافية كاملة.
ويبقى سؤال يفرض نفسه وهو كم مكثت كل حالة من هذه الحالات بالبلاد وهي إيجابية الفحص للإيدز قبل اكتشافها؟ وما هو عدد المخالطين وظروف المخالطة وهو ما كان يقلقني والفريق الذي كان يعمل معي عند اكتشاف أي حالة إيدز، حيث كنا نبحث عن المخالطين ونتخذ الإجراءات الاحترازية حيالهم وفقا لأحدث المستجدات العلمية التي توائم بين حقوق المجتمع وحقوق المصابين والمتعايشين وحقوق الإنسان وفي مقدمتها الحق في الصحة.
كذلك فإن هذه الأرقام تطرح سؤالا عن التشريعات والقوانين التي تحمي الأمن الصحي وتعاقب من يتسبب عن عمد أو تواطؤ أو إهمال في تعريض الأمن الصحي للخطر أشد العقاب ودون تراخ أو رأفة، وهل التشريعات الحالية تكفي أم أن السلطة التشريعية يجب أن تتدخل بتحديث وتطوير التشريعات اللازمة لصون الأمن الصحي؟