مع بداية العام الدراسي الجديد وعودة الآلاف من الأطفال والطلبة إلى مدارسهم، فإن الأمن الصحي بالمدارس أو بالمرافق التعليمية بكل أنواعها يعتبر أولوية رئيسية لكل أسرة وللمجتمع والدولة مما يعني أن تكون البيئة التعليمية بيئة صحية وآمنة وتتواجد خطط وقائية وعلاجية وخطط طوارئ صحية وتدريبات عملية على تنفيذ الخطط فلا يمكن قبول أن تكون الحمامات في المرافق التعليمية غير نظيفة وغير مزودة بوسائل غسيل وتطهير الأيدي، ويجب تزويد المدارس باحتياطات لمنع الحوادث أثناء الزحام عند خروج الطلبة من المدارس أو في الملاعب، وفي المختبرات حيث توجد المخاطر الكيميائية.
ولا بد من توفير معدات ووسائل الإنذار للحريق وكيفية التعامل مع الحرائق في المدارس، ومن الأهمية أن تراعى شروط سلامة الأغذية والتغذية في المقاصف المدرسية وتقديم الوجبات الصحية وطرق تخزينها حتى لا تتسبب في التسمم الغذائي أو زيادة الوزن أو السمنة.
كذلك فإن النشاط البدني المنتظم داخل المدارس أصبح ضرورة أمنية صحية للوقاية من الأمراض المزمنة غير المعدية وفي مقدمتها مرض السكري وأمراض القلب.
ولا بد من توعية الطلبة بأنماط الحياة الصحية والسلوكيات المعززة للصحة وخاصة مكافحة التدخين وخفض الأملاح والدهون والسكريات بالوجبات الغذائية وتعليم الأطفال والطلبة على اختيار الطعام الصحي ومقاومة إغراءات تسويق الوجبات غير الصحية.
ولا يفوتني عند الحديث عن الأمن الصحي بالمدارس أن أؤكد على أهمية اللياقة الصحية والخلو من الأمراض المعدية بين العاملين بالمدارس سواء هيئة التدريس أو الإداريون أو الخدمات أو العمال ومتداولو الأغذية لأننا نتطلع إلى أن تكون جميع مرافقنا التعليمية معززة للصحة ومتوافقة مع معايير المدارس الآمنة والصحية.
وأتمنى أن تستضيف البرامج الإعلامية كبار القياديين بالصحة والتربية ليشرحوا للجميع وبشفافية تامة خططهم لضمان الأمن الصحي بالمرافق التعليمية في العام الدراسي الجديد وألا يكون ظهورهم فقط عند حدوث إشاعات أو حوادث تمس الصحة العامة بالمدارس وكردود أفعال لأن فلذات أكبادنا يستحقون الحرص على أمنهم الصحي وضرورة توفير البيئة الملائمة للتعليم، حيث قالوا قديما «العقل السليم في الجسم السليم» وكما قالوا:
« الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعبا طيب الأعراق».
ونحتاج إلى برامج صحية شاملة ضمن البرامج التعليمية والنشاط المدرسي، كما نحتاج إلى مراجعة دورية لمحتوى المناهج الدراسية المتعلقة بالصحة وتطويرها وفقا لأحدث المستجدات العلمية.
ومن خلال تجربتي عندما كلفت من منظمة اليونيسكو بمهمة مراجعة المناهج الدراسية الخاصة بموضوع الإيدز وفوجئت بأن الموضوع طرح في المناهج وكانت تشوبه العديد من المعلومات الخاطئة القديمة وكانت المفاهيم بعيدة جدا عن الاستراتيجيات والخطط العالمية والمعتمدة من المنظمات الدولية، فلذلك لا بد أن تكون المناهج التعليمية الخاصة بالموضوعات الصحية مواكبة لمتطلبات الأمن الصحي وكذلك لا بد من صقل مهارات القياديين في المرافق التعليمية بما يمكنهم التعامل بمهنية مع المواقف والحوادث التي تمس الأمن الصحي فيها.