العم والأخ الكبير خالد يوسف المرزوق، رحمه الله، كان نموذجا للقلائل من الرجال في العالم الذين وهبهم الله الرؤية والجرأة والشجاعة ليضعوا منفردين وبأيديهم لبنات بناء الأوطان.
تميزه عن أقرانه كان واضحا منذ بداية حياته، لم يتردد يوما أمام المجهول، ولم يتراجع أمام العوائق والعقبات ولم يخش المواجهة، واستمر في ذلك النهج الى آخر يوم في حياته، وكان دائما مقياسه في النجاح هو انجاز البناء والتشييد، لو كان همه النجاح في الربح المالي فقط لكانت أمامه مجالات كثيرة لا تتطلب ذلك الجهد الشخصي ولا تشمل المغامرة ومردودها كبير وفي وقت زمني قصير من خلال صفقات ووكالات، ولكن العم خالد المرزوق اتجه الى البناء والتشييد لأنه بذلك يحقق لوطنه الرقي ويشرك كل أبناء وطنه في العمل.
عندما بدأت الحكومة في طرح فكرة مشروع مواقف السيارات المتعددة الطوابق داخل المدينة في السبعينيات ترددت الشركات الأخرى في المباشرة في الاستثمار والبناء، الكل كان ينتظر ليرى تجربة بووليد، هل ينجح فيتبعه الآخرون أم لا؟ حتى اني شهدت انه كان على استعداد لأخذ المخاطرة في المشاريع المخصصة للشركات الأخرى، وعند نجاحه تبعه الآخرون، ثم قام ببناء لؤلؤة المرزوق، وفي ذلك الوقت لم يستوعب الكثيرون هذا النمط المميز من المباني، ثم بعد ذلك بسنوات لحقه سوق البناء في الكويت وفي بقية دول الخليج.
وأما حلم حياته فقد كان مشروع لآلئ الخيران وهو مشروع مدن بحرية تقوم على تطوير الساحل الكويتي واستحداث قنوات بحرية، انه حلم لا يمكن في الأوضاع الطبيعية ان يقوم به رجل واحد، ولكن هذا لا ينطبق على بووليد، أمام كل انواع العقبات الاقتصادية والفنية والادارية والقانونية والسياسية صمد هذا الرجل متمسكا واثقا من تحقيق حلمه، حتى أصبح هذا الحلم حقيقة قائمة تجذب الكل اليها وتكون مصدر إلهام للعديد من المشاريع الشبيهة في دول الخليج، وقد سماه بعد ذلك باسم مدينة الشيخ صباح الأحمد البحرية.
أثناء الاحتلال العراقي لم يستقر ولم يسترح المقاتل وسخّر كل علاقاته وامكاناته من اجل قضية تحرير الكويت، وبعد التحرير لم يسارع بتأمين حياته وثروته خارج الكويت كما فعل البعض مع الأسف، ولكنه على العكس من ذلك صار أكثر اصرارا على الاستثمار في الكويت، كما أشهد بأنه دعي من أكثر من جهة خارجية لكي يستثمر في تلك البلاد وكان جوابه دائما انه يعمل في الكويت من أجل الكويت، وبذل ماله وجهده وصحته في تنفيذ مشروع اللآلئ حتى حقق النجاح الباهر بفضل الله ثم بفضل جهوده الشخصية.
هذه الصفحة لا تكفي للحديث عن هذا الرجل الفذ، ولا عدة صفحات، آمل ان يتهيأ من يكتب كتاباً عن حياة هذا الرجل وتوثيق تجاربه ومواقفه لتكون دروسا ودافعا للأجيال القادمة.
رحم الله العم خالد يوسف المرزوق وأسكنه فسيح جناته برحمته وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
د.م.إبراهيم ماجد الشاهين