متعارف عليه في عالم السياسة تقسيم الدول وتصنيفها حسب معايير ونقاط قابلة للقياس، الا ان هناك امرا جديدا مستحدثا يمكن قياسه ومقارنته بين دولة وأخرى.
في مفهوم القوى نجد هناك قوى عظمى تمتاز بقدراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية النافذة على العالم، وهناك دولا صاحبة القرار السيادي في الأمم المتحدة وتمتلك حق النقض (الفيتو) على القرارات السياسية.
ما أوجدته لنا أزمة تفشي فيروس كرونا المستجد، مقياس جديد للقوى لتصنيف الدول في كيفية التعامل مع الأزمات والسيطرة عليها كوباء كورونا، وباستعراض بسيط لخريطة تفشي المرض نجد ان الصين التي تعتبر بؤرة لانتشار الفيروس استطاعت بجدارة ان تخلق قوى جديدة في إدارة الازمة داخليا، حيث حاصرت انتشار الفيروس باجراءات رادعة الى درجة اختفاء الناس من الشوارع وكأن الصين مهجورة ولا حياة فيها!
كان ذلك نتيجة ادراكهم ان هناك أمرين اما ان يعملوا بجد للنجاة من هذا المأزق الصحي او يتكبدوا آلاف الضحايا واستمرار الانتشار لمدة غير معلومة حتى اكتشاف مصل او دواء مضاد لفيروس كورونا، وهو ان اكتشف فسيحتاج لأشهر للتجربة ومثلها للإنتاج كدواء.
ليس هذا فقط فبعد ان انتهت الصين العظمى من السيطرة على فيروس كورونا واحتوائه، اتجهت خارجيا لتساعد الدول المنكوبة بسبب هذا الوباء وعرضت مساعدتها لإيطاليا والتي تقع في قارة أوروبا وهي عضو في الاتحاد الأوروبي القوي!
السؤال هنا هو: أين الولايات المتحدة الأميركية؟ لم نر قوتها كما نشاهده في القرار السياسي من البيت الأبيض؟ لماذا لا نرى غطرستها في مجال محاربة هذا الوباء المتفشي بعلمائها وقدراتها الطبية المهولة كما نراها في عالم تصنيع السلاح وبيعه وفي بسط يديها في كل القضايا والأزمات والحروب؟!
يصر الرئيس الأميركي في حديثه عن فيروس كورونا على انه صيني رغم سؤاله في المؤتمر الصحافي ان هذا المرض اجتاح كل العالم وهذه الازمة إنسانية الا انه يؤكد انه فيروس صيني! فما يعلمه هو ويخفيه عن العالم يثير التساؤلات والرهبة والقلق في آن واحد ما اذا كان فيروس كورونا حقيقيا ام مفتعلا؟!
انقلب العالم رأسا على عقب، وظهرت لنا دول قوية جدا وكأنه اختبار لمدى تصدي الدول لأي سلاح فيروسي يمكن استخدامه في حروب لن تقل عن الحرب النووية فكلها ستفتك بالبشرية!
وما شاهدناه من منظمة الصحة العالمية التي تتجول بين الدول لتقييم الأوضاع وتطبيق الإجراءات السليمة للصحة الوقائية وتشيد فيها، والتي أوصت لأصحاب القرار السياسي بإيقاف الحصار او العقوبات الدولية المفروضة على بعض الدول غير المرضي عنها سياسيا من الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا و«إسرائيل»! فالإنسانية تستوجب الاستثناء نتيجة هذا الظرف الاضطراري الذي لا يمكن ان يتحمله أي إنسان لا علاقه له بأصحاب القرار السياسي!
ولا يمكن من الناحية الطبية ان تحارب هذا المرض وسط محيطك فقط لأن العالم اجمع يجب ان يتعافى منه لكي لا ينتشر ففيروس كورونا لا يعترف بالحدود الدولية والصراعات السياسية بل هو امن صحي عالمي لا يساوم عليه إطلاقا.
كما انه سيعاد النظر في إعادة تشكيل التحالفات والأقطاب العالمية من منطلق القوة الاقتصادية والسياسة وقوة وكفاءة المنظومة الصحية ومدى تعاون الدول لإنقاذ بعضها لبعض ويظهر ذلك بشكل واضح لاحقا.
بالمختصر: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّرا.. وإذا افترقن تكسّرت آحادا.
رسالة: أتمنى من مجلس الوزراء حصر أسماء الأطباء والممرضين «البدون» ورفع الكشوفات للنظر في مدى إمكانية منحهم الجنسية الكويتية تحت بند الأعمال الجليلة، فهم معنا في الرخاء والشدة، فأهلا وسهلا بمعدن لا يتغير ولا يتأثر بالظروف وأقسموا على حماية أبناء الكويت والسهر على رعايتهم.