عقوق الوالدين الذي ظهر وانتشر وتعددت أشكاله وألوانه ليدل على انحراف خطير في المجتمعات عن شريعة الله سبحانه تعالى التي جعلت رضا الله في رضا الوالدين وسخطه سبحانه وتعالى في سخطهما، كما في الحديث: «رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد»، وجعلت الجنة تحت أقدام الأمهات، فلن يدخل الجنة عاق لوالديه، ففي الحديث: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث.
وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى». كما أن العاق لوالديه يعرض نفسه لدعاء والديه عليه، ودعاؤهما مستجاب، فقد ورد في الحديث: «ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده».
ومن صور العقوق أن يتسبب الولد في سب ولعن أبويه أو أحدهما، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه». قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه». وأيضا رضا الزوجة على حساب الأم.
ومن كان هذا حاله فإنه يعرض نفسه للعنة الله تعالى، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله من لعن والديه». الحديث.
كما أنه متوعد بعقوق أولاده له، فكل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإنه يعجل لصاحبه بها في الحياة قبل الممات.
قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: «خرجت من الحي أطلب أعق الناس، وأبر الناس، فكنت أطوف بالأحياء حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الإبل في الهاجرة والحر الشديد، وخلفه شاب في يده رشاء (أي حبل) ملوي يضربه به، قد شق ظهره بذلك الحبل، فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟ فقال: إنه مع هذا أبي.
فقلت: فلا جزاك الله خيرا. قال: اسكت فهكذا كان هو يصنع بأبيه، وهكذا كان يصنع». فانظر كيف قيض الله لهذا الوالد العاق من أبنائه من يعقه والجزاء من جنس العمل: (وما ربك بظلام للعبيد).
[email protected]