كثير من أحلام الشباب تسير في اتجاه لا منطقي لأنها حقيقة مجرد أحلام لم يدركوا من خلالها بشكل فعلي الأدوات التي يمتلكونها ومدى جودتها وفاعليتها، لتمكنهم من تحويل هذه الأحلام الى طموح واقعي يسير ضمن منظومة خطة حياتية مدروسة تطبق على مراحل متزنة لتعطي نتائج ملموسة تتخطى مرحلة التقييم بنجاح وسداد. كثير من الشباب في مقتبل العمر يعتقدون بأنه سيتمكنون وبيسر وسلاسة من التخصص في المجال الأكاديمي الذي لطالما تمنوه وبالمعدل الذي يستحقونه كما يقيسون هم أنفسهم لا كما تسفر عنه نتائج تقييم هيئة تدريسية لها معايير مغايرة تماما، ليعملوا في المجال الذي يدمجون فيه بين الأحلام والهوايات فتكون مصدر رزق وفير لهم، تمكنهم من الزواج وتأسيس اسرة والتمتع بحياة الرفاه الرفيع، الا أنه عزيزي القارئ وكما ترى فإنها تبقى أحلاما غير منطقية تنافي واقع الحال بشكل ملموس.
وقد يتساءل البعض: لماذا تعتبرينها مجرد أحلام؟ لماذا يصعب تحقيق أحلامهم وهم في فترتهم الحياتية هذه يتمتعون بالحماس والإقدام والرغبة؟!.. اقول ردا على هذه التساؤلات: ان حياتنا في واقعها عبارة عن مثلث من زوايا لا ترتبط بأضلاع يمكن ان تكمل الشكل العام لهذا المثلث، اذن هي منظومة منقوصة، نحن نعيش بين الدراسة والعمل والحياه الأسرية وكل منها يتطلب آلية عمل مختلفة وامكانيات مختلفة ومهارات مختلفة واجتهادات وتخطيط …الخ حتى نتمكن من رسم هذا المثلث بشكل صحيح وبالتالي اظهاره بالصورة المناسبة، أي انك لن تستطيع توفير دخل سنوي عالي لمجرد انك تخطيت مرحلة الثانوية العامة بامتياز بل انه مجرد فتح لباب مرحلة جديدة لك اسمها الدراسة الجامعية والتخصص الأكاديمي الذي يكسبك العلم والمعرفة والذي لابد أن يقترن باكتساب مهارات حياتية أخرى وتنمية ذاتية لتضمن- بإذن الله- دخولا ميمونا لميدان عمل ناجح. كما أنك أيها القارئ لن تتمكن حتما من اعتلاء أرقى المناصب وأرفعها لمجرد أنك انسان محترم ومجتهد، بل قد تتفاجأ في مرحلة معينة من حياتك بأن هناك اعتبارات اخرى دخلت في تقييمك كغير مستحق لهذا المنصب، بعض هذه الاعتبارات صادق والكثير منها غير ذلك تماما كالمحسوبيات والعلاقات الشخصية، ثم إن الزواج بحد ذاته وايجاد الشريك المناسب للحياة ليس بالضرورة معناه ضمان تأسيس أسرة سعيدة صحية تضمن لك اشباع غريزتك الأبوبية التربوية لترفع شعار«أنا وضعت لبنة بناء قويم لمجتمعي»، بل ان رحلة الزواج بحد ذاتها باتت تتطلب الآن تأهيلا خاصا لإدراك المهارات اللازمة لزواج سعيد وتعلم أسس التربية الناجحة لتأسيس نشء انساني صالح من ابناء يتمتعون بصحة نفسية وجسدية وذهنية بإذن الله وأمور عديدة قد لا تخطر لك على بال.
خلاصة لما سبق أيها القارئ الكريم: ابحث جيدا عن طريقة وضع الأضلاع الخاصة التي تجمع لك زوايا مثلث حياتك بنجاح واتزان «الدراسة - العمل - الزواج»، فعندها فقط يسعك القول انك بدأت تحويل مسار أحلامك اللامنطقي الى مسار بدأ يكتسب طابع الواقعية.. شيئا فشيئا.