أطبق علماء العربية على أن الألفاظ قوالب للمعاني، إذا حسن اللفظ لزم منه تحسين المعنى، والتواصل مع المجتمع جزء من التخطيط، وذلك لتجنب الإشاعات والمعلومات المزيفة كون طبيعة الناس تلهث وراء الأخبار في وقت الأزمات سواء كانت حقيقية أم لا، وعلى صاحب القرار أو الناطق به أن يحسن التواصل مع عامة الناس بحسن البيان ومنطقه، لأنك تتعامل مع مفاهيم وعقول مختلفة، قد تكون ردود أفعالهم ذات تأثير شديد، وتزيد سوءا وحدة، أو ربما تخفف من وطأتها، فالهدف هو احتواء الأزمة، فالعاقل يعرف مواضع الكلام كما يعرف مخارجه، ويحدد «الزمان والمكان» للحديث (بمتى؟ وكيف؟ أين؟)، وقد سئل الجاحظ عن صفات الإنسان العاقل؟ فقال: «هو الذي يعلم متى يتكلم، وكيف يتكلم، ومع من يتكلم».
فالكلمة لها القدرة على الجبر والكسر، والمثل العربي يقول: «رب كلمة قالت لصاحبها دعني» وهو الذي لا يقدر عواقب ما يتفوه به، فألفاظ الحديث المتزن للقائد المؤسسي المقدر للموقف الأزموي، صاحب الحس الوطني هو قالب المعنى والصفة الحسنة، وقال سبحانه: (وقولوا للناس حسنى) والقول الحسن يشمل في هيئته وفي معناه كما ذكر الشيخ ابن العثيمين، رحمه الله، وذكر عن سقراط إنه قال لرجل لا يعرفه «تكلم حتى أراك» فالكلام يحدد معدن المتحدث، أعاقل أم أحمق، أصاحب رأي أم إمعة.
فالحذر من الدراما الكلامية «البراغماتية»، التي تغلب جانب المنفعة على المبادئ، ونتاجها أزمة مجتمعية، فكن أيها المتحدث «صاحب مبدأ» في جودة الرأي واستحكامه، ومن عاش بلا مبدأ مات بلا شرف.
ونختم زاويتنا (حديث الساعة) بكلمة ونستون تشرشل رئيس الوزراء للمملكة المتحدة السابق: نحن سادة كلمات لم تنطق، ولكننا عبيد تلك التي تركنا ألستنا تزل بها.. ودمتم ودام الوطن.
قال أبوالعتاهية:
وخير الكلام قليل الحروف
كثير القطوف بليغ الأثر
واجب عزاء: أتقدم بأحر التعازي وخالص المواساة إلى أخينا العميد الركن نعمان الراشد وعائلة الراشد الكرام بواجب العزاء، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد أخاكم بواسع رحمته، إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبر واحتسب.