في عام 2008 أجرت جامعة ييل دراسة حول رأي عدد من المنتمين للحزب الديموقراطي والمؤيدين للحريات بشكل عام حول مرشح لرئاسة المحكمة العليا «جون روبرتس» بعد زعم إحدى الحملات الدعائية السياسية المضادة لترشحه «أنه يدعم مجموعات متطرفة تمارس العنف وتناهض الحريات»، تحول بعدها عدد الرافضين لرقم ترشحه من 56% إلى 80%، الغريب في الأمر أن نسبة الرافضين لترشحه استقرت على رقم 72% رغم إثبات عدم صحة الحملة، بل إن نفس الجهة التي تقف وراء الحملة تراجعت عن الادعاءات!
في داخل كل منا شعور بالانحياز غير المؤكد، والذي نقبله كما نريد من الداخل لا كما هو صواب بالفعل، كقراءتنا لنتيجة تحليل أو عند قراءة رقم تسجيل الميزان بكامل ضغط القدم أو بضغط قدم واحدة حتى نقبل ما نريد فإننا بذلك نستخدم الموازين للتوافق مع رغباتنا دون وعي، ينطبق ذلك على الإشاعات والمواقف التي تغير قبولنا من عدمه للمرشحين، حيث نبحث عن مواقفهم المختلفة ولقاءات وتغريدات قديمة لكي نتأكد من صحة انطباعنا وانحيازنا تجاههم ما يوصل بعض الناخبين إلى ما يسمى بالتنافر المعرفي، الذي يسبب له التوتر والتشتت عندما يؤمن بمعتقدين متناقضين في الوقت نفسه، رغم أن الطبيعي جدا لو ضربنا في ذلك بمثال على أرض الواقع: نائب معارض قد يصوت مع الحكومة ضد طرح الثقة بوزير إصلاحي أو لأنه لا يرى في هذا الاستجواب استحقاقا بكل بساطة. الطبيعي أن هذا الموقف مقبول وفق المنطق، ولكنه غير مقبول وفق مقاييس قبول الشارع «أنت معارض.. لازم دائما يكون قلمك يوقع مع طرح الثقة..!».
ربط العلماء بعلم النفس هذا الواقع التنافري «بمنطقة رمادية» في المخ تلعب دورا في إخراجه من هذا التناقض لتجنب التنافر بين الأفكار الاعتيادية التي ليس لديها سوى اللونين الأسود والأبيض، كما يصفها الكاتب «ستيفين سامبل» إنك تفكر في الأمور بمنظور الأبيض والأسود في حين أن الحقيقة في مكان بالمنتصف «رمادية»، وهي ما تساعد في التغلب على النزعة القبلية والفئوية والطائفية والانحياز المتأصل في الأغلبية.
لذلك تجد في كل انتخابات سقوط وأفول وصعود وفوز مرشحين تم انتخابهم بقرار عاطفي انحيازي متسرع، يتم سقوطهم بشكل مدو بالانتخابات التي تليها.
[email protected]