ذكر تقرير بصحيفة «نيويورك تايمز» أن فيروس كورونا سيهدد بإحداث عدوى مالية في اقتصاد عالمي يعاني من نقاط ضعف مختلفة، حيث أضحى العالم مثقلا بالديون بشكل كبير بمختلف دول العالم، ولاسيما في ظل تخلف عدد من الشركات عن إمكانية سداد ديونها، وأن البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم تواجه خطر تحول أزمة السيولة إلى أزمة مالية، أكثر مما حدث عام 2008.
لا شك أن تفشى وباء كورونا هو مأساة عالمية بكل المقاييس، فرغم كل الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تعاني منها دول العالم، ورغم الشلل الذي أصاب الحياة فيها بسبب الإجراءات الصارمة التي تم اتخاذها لمواجهة المرض، تظل المصيبة الكبرى هي الأرواح التي تزهق يوما بعد يوم والآلاف الذين فقدوا أحباءهم ويخشون أن يخسروا المزيد، بالمقابل وجدنا إيجابيات ودروسا مستفادة من هذه الأزمة لعل أهمها التقارب الاجتماعي والجلوس لفترة أطول مع العائلة، وإحساس المواطن والمقيم بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الوطن، ومراجعة الذات وإعطاء درس للأجيال الناشئة حول دوام الحال وعن تقلبات الدنيا وبأهمية احترام الوقت وتنظيمه وتقدير قيمة النعم التي تعودنا على وجودها، وتقدير قيمة الأسرة والوطن وبأن كل فرد في الوطن مسؤول، وبأن تجاوز الأزمة لا يتم إلا من خلال تكاتف الجميع، إلى جانب الإحساس بالآخر الذي نجده في الجمعيات التعاونية عند حرص الجميع على أخذ ما يكفي حاجتهم لمراعاة المخزون الاستراتيجي لكي يسع الجميع، وعلى المستوى السياسي وجدت الحالة المثالية التي لا طالما تمنيتها، حيث تجد المسؤول في قلب الحدث، ويقوم بزيارات مفاجئة لمراكز العمل، على عكس نموذج المسؤول التقليدي الذي تراه غالبا جالسا في المكتب ولا يرى ما يحصل في دهاليز مؤسسات وزارته الخدماتية، فخرج الوزير إلى الشارع وتلمس بشكل مباشر ما يعاني منه الوطن والمواطن بسبب «خمال» حكومي تجاوز عمره الـ 30 سنة في مؤسسات حساسة لطالما كتبنا عنها حتى جف القلم وفقد الأمل أمام سطوة وسلطة يد الفساد في البلد، فكأننا للتو علمنا أن هناك مشكلة كبيرة في التركيبة السكانية وأن هناك عددا كبيرا من العمالة السائبة في البلد!، وبأن هناك تلاعبا كبيرا في أسعار السلع، وبأن هناك خللا كبيرا في الأمن الغذائي والصحي، وأن المخصصات الزراعية قد منحت لعدد ممن لا يستحقونها! وأن هناك أناسا غير أكفاء يمثلون الدولة بالسفارات والملاحق بالخارج وتم تعيينهم بالواسطة، وبأن الواسطة السلبية هي سبب وجود الشخص غير المناسب في الأماكن الحساسة بالدولة، وعرفنا المسؤول الكفؤ من المسؤول غير الكفؤ، ومن يحب الدولة ويفتديها بنفسه وماله، ومن لا يهمه غير مصلحته، وبأن أفضل استثمار يكمن في الشباب الكويتي الذي يثبت في كل مناسبة حبه وكفاءته وتفانيه في خدمة الكويت من خلال إعطائه الفرصة، وبأن لدينا أملا كبيرا في الإصلاح مع حكومة سمو الشيخ صباح الخالد ووزرائه المنجزين والمنجزات في استغلال فرصة هذه الأزمة بشكل إيجابي لوضع تشريعات وقوانين توقف الفساد وتدفع بعجلة التنمية، وبناء الطرق، وتحصيل أموال الدولة، وتطبيق القانون على الجميع من دون تأخير، وردع المخالفين.. لكي لا ننتظر أزمة أو كارثة جديدة لنتعلم، ولكي لا يعود الفساد.. مثلما حصل معنا بعد الغزو الذي لم نتعلم منه شيئا، ليعود السياسي الصامت في هذه الأزمة.. ليعزف من جديد على وتر الطائفية، ويعود المأجور ليمسك السكين من جديد ليشق به وحدة الصف ونشر الإشاعات وضرب المصلحين في البلد، ويعود المسؤول الفاسد ويمنح هوية الوطن ويقوم بتجنيس من لا يستحق الجنسية، ويعود تاجر الإقامات بقائمة عمالة سائبة جديدة بملف عمالة جديد «ويخرب هيكل التركبية السكانية».. وكأنك يا بوزيد ما غزيت!.
المنطقة الحرة:
شدة وتزول.. ويا عساها ما تطول
شدة وتزول.. هذا الوطن غالي .. وكل واحد مسؤول
[email protected]