لست حكوميا ولا ضد أو مع مجلس الأمة وإنما منهجي الوسطية، وخير الأمور الوسط، وحزبي الكويت باتجاه جبري، وليس بنافعي شيئا إن أحببت الحكومة أو المجلس، وإنما حبي للكويت يفرض علي أن أكتب ما يصب في مصلحة الوطن، فالكويت هي الباقية وكلنا زائلون، وهي وصية آبائنا وأجدادنا، والحقيقة أن مجلس الأمة في فصله التشريعي هذا لم ينجح ولم يؤد ما عليه، ولم نر منه ما يسر الخاطر، والحال ذاتها تنطبق على مجلس الوزراء، فكلاهما يغرد خارج السرب، وليس هذا الأمر بصالحنا.
وبمرارة أقول إنه لم يمر علينا مجلس أمة كهذا المجلس ولا مجلس وزراء كهذا، فالأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، وكل الأنظار تتجه اليوم نحو صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، فالأمر بيده، ولا شك أن سموه لن يألو جهدا في اختيار ما يراه مناسبا، وكل ما يقره سموه نحن راضون به، فلسنا بأكثر حبا منه للكويت، وقد عاصر سموه مجلس الأمة منذ انتخاباته الأولى عام 1963، وحتى هذا المجلس، وسموه المسؤول عنا بعد الله تعالى.
نلاحظ أمورا تثير الدهشة والغرابة، فعندما يطالب بعض أعضاء مجلس الأمة بإزاحة رئيس مجلس الأمة إنما يزدرون بمن صوتوا له كنائب ثم من صوتوا له كرئيس، فأين احترام الرأي والرأي الآخر؟! ورئيس مجلس الأمة لم يعين تعيينا وإنما جاء بالصناديق، على مرأى ومسمع من الجميع، وحتى المطالبة بإزاحة رئيس مجلس الوزراء بهذه الطريقة الفجة وهذا النهج، لا يمكن لها أن تحقق نتيجة، فأسلوب التحدي غير نافع، والأمور تدار بالهدوء والحوار، أما الصراخ فلا يأتي إلا بنتيجة عكسية، ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها، فالسماء ملبدة بالغيوم، ومخطئ من يظن أن ما يحدث ويتكرر سيمر مرور الكرام، فما يحدث ليس أزمة عابرة وإنما جرح في جسد الوطن، والأيام القادمة حبلى بالأحداث المهمة.
ولا شك أن الصلح خير ولكن ليست ثمة إشارات بهذا الاتجاه، فليت الأمور تهدأ، وليتنا نحافظ على خط رجعة لنا، والتصالح سلوك أصحاب النفوس العالية، ولا يتوهم أحد كائنا من كان أنه سيغلب الدولة، ولابد من حسن التصرف ومعالجة الخلل وإن كبر بالروية، والتأني فنحن مازلنا نعاني من جائحة كورونا والدولة مستنفرة لهذا الوباء منذ سنتين والتعاون مطلوب، ولكن لا حياة لمن تنادي.
من هنا أقول: قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، فمصلحة البلد فوق مجلس الأمة ومجلس الوزراء والمعارضة والموالاة، قد يتم حل مجلس الأمة وربما تذهب الأمور إلى أبعد من ذلك، ولمن يسأل من أين لك هذا ؟ أقول: إحساس لا أكثر ولا أقل، ويكاد يكون هذا الإحساس حقيقة، وقد قال عبدالملك بن مروان متمثلا وهو يوصي أبناءه ووصيته صالحة لما تمر به البلاد من أزمات يسابق بعضها بعضا:
انفوا الضغائن والتخاذل عنكم
عند البعيد وفي الحضور الشهد
بصلاح ذات البين طول بقائكم
إن مد في عمري وإن لم يمدد
إن القداح إذا اجتمعن فرامها
بالكسر ذو بطش شديد أيد
عزت ولم تكسر وإن هي بددت
فالوهن والتكسير للمتبدد
* فاللهم أصلح ذات بيننا