الدنيا كلها تسير بنا بين المهم والأهم، وهناك أيضا اللا مهم، وهذا الأخير لا شأن لنا به ولا يعنينا فيما نقوله شيئا، وإن كان يمر في حياتنا مرور الكرام، فلا شك أن التركيز في هذه الحياة منصبّ على المهم والأهم، وبين هذا وذاك تمضي بنا الدنيا بحلوها ومرها، وسرورها وحزنها، فلا ينبغي للمرء أن يهمل المهم ويركز على الأهم، فيقع في الخطأ، ولا يضع المهم في خانة الأهم، ولكن عليه أن يعطي كلا حقه.
كما أن على المرء أن يحسن ترتيب المعادلة وجدولتها، فلا يتداخل هذا بذاك، ولا يؤثر طرف على آخر، وليس هذا الأمر بالصعب إن أردنا ذلك، وحتى في عالم السياسة العريض نطبق نفس النهج، نبدأ بالأهم ثم المهم، فهناك ترتيب وجدولة للأوليات علينا اتباعها، ليكون طريقنا واضحا، وهذه ليست نظرية فلسفية فحسب، لكنها أيضا من صلب ديننا الحنيف الذي أمرنا بذلك، فوقت المرء عليه أن يرتبه، بحيث تكون ساعة لطلب الرزق وساعة لله تعالى وساعة لملاقاة الإخوان، وساعة لأسرتك.
ومن منطلق المهم والأهم فقد تابعت باهتمام لقاء السادة أعضاء مجلس الأمة المحترمين بوفد من غير محددي الجنسية وسماع وجهة نظرهم، والتباحث معهم، وهم مشكورون على الجهد الذي قاموا به من منظور إنساني، ولكن لنا رأي في هذا الموضوع الشائك، مع تمنياتنا بأن يأخذ كل ذي حق حقه، فقد كنا نتمنى أن يكون مثل هذا اللقاء المهم مع الإخوة العسكريين الذين شاركوا في حرب تحرير الكويت، وكان لهم دورهم الفاعل والمشرف في تلك الأيام السوداء أيام الاحتلال البغيض، حيث قاوموا المحتل بكل بسالة ثم انسحبوا بأمر القيادة بأسلحتهم إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، تاركين بيوتهم وأسرهم في مهب الريح، ثم رابطوا هناك مرابطة الأبطال، وظلوا على أهبة الاستعداد لاقتحام المعركة طيلة 7 أشهر، ثم دخلوا الكويت متوكلين على الله تعالى وفدوا ترابها بأرواحهم، وقاتلوا قتال المستميت، ولم يتراجعوا ولم يتقهقروا من أجل تحرير الكويت، وليس لهم هم سوى أن يعود الحق لأصحابه، فمن هؤلاء الرجال من استشهد ومنهم من أصيب ومنهم من لايزال حيا يرزق إلا أنه عاطل عن العمل، وبالكاد يجد قوت يومه.
هذه المجموعة الشريفة من الرجال وهي (ليست كثيرة) أحق بالإنصاف وأجدر أن تسمع وجهة نظرها، وأن توضع لمشكلتهم حلول مناسبة بما في ذلك أبناؤهم، وكنت في العام الماضي قد التقيت سعادة رئيس الأركان العامة للجيش الفريق الركن الشيخ خالد الصالح الصباح، ووجدت لديه اهتماما بالغا بهذه المجموعة، وذكر لي أنه على اتصال مستمر معهم، ولاحظت سعيه الدؤوب من أجل إنصافهم، وهو يعلم الكثير الكثير عنهم بحكم مركزه المهم، ونحن هنا لا نفرض رأيا وليس من حقنا ذلك، ولكن نطرح وجهة نظر، فمن دافع عن الوطن وضحى بالغالي والنفيس من أجله أحق بالتكريم، وأقلها أن يمنحوا راتبا تقاعديا أسوة بمن شاركوا في حربي 67 و73، فهؤلاء الرجال ينتظرون الفرج ويأملون أنصافهم، ونحن بدورنا مع من يستحق، ودمتم سالمين.