«القرش» عملة معدنية مشهورة في الماضي ومتداولة في عدد من الأقاليم التي كانت تابعة للدولة العثمانية، وجمعه قروش.
أمـــا الــيوم الأسود فهو اليوم «القطوب» الذي تحتاج فيه إلى المال حـــاجة ماسة ولا تجده، وهذا المــثل «القـــرش الأبيض ينفع في اليـــوم الأسود» يحذر من ثقافة التبذير والإسراف، ويدعو إلى التوفير، وهذا المثل على الضد من القول الآخر: «اصرف مــا في الجيب يأتيك ما في الغيب»، وهو قول عجيب غريب ما أنزل الله به من سلطان، ولا يقبله العقل والمنطق، ويرفضه كل عاقل، فكيف اصرف ما في جيبي وانتظر ما في الغيب خاوي الجيب مفلسا؟
وعموما المثل الأول يتأرجح في عقولنا بين أن نصدقه ونسلم به أو نرفضه ولا نصدقه، وكي نصل إلى الإجابة الشافية الوافية نعود لميزاننا ومرجعنا ودستورنا وهو قرآننا العظيم الحكم الفصل فيما نتجادل به، فالله عز وجل في محكم آياته يقول: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ـ الإسراء: 29)، وهذه الآية الكريمة واضحة تدعونا إلى ان نكون وسطا فلا نسرف ولا نبخل، فالإسراف في الإنفاق يجعلك مفلسا وإن ملكت الملايين، والبخل والتقتير يجعلك مكروها من الله منبوذا من الناس، أما السخاء والكرم فله باب آخر، يقول الشاعر المتلمس الضبعي محذرا من الإسراف والتبذير:
وأعلم علم حق ليس ظنا
وتقوى الله من خير العتاد
وحفظ المال خير من فناه
وضرب بالبلاد بغير زاد
واصلاح القليل يزيد فيه
ولا يبقى الكثير مع الفساد
وهــذا الموضوع يجعلنا نتحدث عن المال ومنافعه وأضراره، لذلك اقول ان المال عند العاقل وسيلة لا غاية، يحفظ من خلاله كرامته ويصون ماء وجهه، ويحسن من معيشته ويسعى به إلى عمل الخير، أما من ظل همه كنز المال والجري وراء مضاعفته دون النظر في حله وحرامه باء بسخط الله وغضبه، فيتحول المال من وسيلة إلى غاية، فيصبح ضرره أكثر من نفعه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض» رواه البخاري.
نسأل الله تعالى أن نكون من المقتصدين وألا نكون من المبذرين المسرفين.
ودمتم سالمين.