Note: English translation is not 100% accurate
فك الاشتباك
الأربعاء
2006/12/6
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : محمد يوسف
محمد يوسف
تجدد الحديث عن الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، بمناسبة انعقاد المؤتمر المعني بهذه القضية في الكويت منذ أيام.
وقد انقسم الكتّاب إلى فريقين متخاصمين حول هذه القضية بين مؤيد ومعارض، بصورة تجعل كثيرين يقعون في اللبس والغموض، وتشتبك أمامهم الخيوط فيصعب عليهم اتخاذ موقف واضح بين هذه الآراء المتخالفة.
فهناك فريق يرى ان القرآن الكريم، الى جانب ما يتميز به من اعجاز بلاغي، انما يتضمن كثيرا من الإشارات العلمية التي بشر بها النص القرآني في سياقات متعددة قبــل 14 قرنا، بينما لم يتوصل البشر الى اكتشاف حقيقتها العلمية إلا حديثا بفضل تقدم مناهج البحث وتطور أدواته، مما اطلع الإنسان على جانب كبير من المواقف «العلمية» تطابق فيها الاكتشاف الحديث مع الإضاءات القرآنـية (أو النبوية) التي تحدثت عن الظاهرة نفسها.
وهذا الفريق يستند إلى التطابق بين «مكتشفات العقل ونصوص النقل» على حد تعبير أهل العلم، ليقدموا أدلة إضافية على صدق الرسالة النبوية وتعزيزاً لفكرة «ان القرآن الكريم وحي منزل من السماء وأنه ليس من صنع بشر، مثلما كان يدعي بعض المناوئين لنبوة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) عندما بعثه الله برسالة الإسلام، ولعل التفكير في اكتشاف الاتساق بين الإشارات الكونية في القرآن وحقائق العلم الحديث هو ما جعل كثيراً من الباحثين يعكفون على دراسة نتائج العلم والسعي إلى إبرازها من منظور إسلامي يؤكد للمسلم إيمانه، ويعرض الاسلام على غير أهله ـ كما يقول المؤيدون للقضية ـ بصورة علمية تخاطب العالم بلغة العلم والمنطق التي صارت تهيمن على تفكير الناس في أغلب المجتمعات على الأرض، كما أنه يمثل إعلانا للتحدي الزمني للقرآن الكريم، وأنه كتاب الله الذي سيظل صامدا ـ رغم طول الزمن ـ أمام الاكتشافات العلمية، التي ستظل برهانا متجددا على صدقه، وتأكيدا لكونه كلام الله سبحانه.
لكن الفريق الآخر الذي يعارض الخوض في قضية الاعجاز العلمي للقرآن، يستند إلى أنه ينبغي ألا نقحم الاكتشافات العلمية في النص القرآني، نظرا للاختلاف الشديد بين نسقي الخطاب، فالقرآن ـ حسب تقديرهم ـ يجب أن ينأى عن الارتباط بالنظريات العلمية، حيث الأخيرة متجددة عبر الزمن، بل وينسخ بعضها بعضا.
ومن ثم فإنه قد يسيء إلى الفهم القرآني إذا تم الربط بينه وبين نظرية علمية ما، ثم اتجه البحث الى نسخ أو تعديل هذه النظرية، بما يخالف الفهم القرآني للظاهرة موضع البحث، مما يضع الناس أمام مأزق حقيقي بين الفهم القرآني المقدس من ناحية، والجهد البشري القابل للتغير والتصحيح من ناحية أخرى، تنزيها للقرآن عن التشوش والتذبذب اللذين يعتريان الاجتهاد البشري الذي يخضع لعملية إعادة تصحيح مستمرة.
وينتقد هذا الفريق الانتقائية التي يلجأ إليها المتحدثون في قضية الاعجاز العلمي في القرآن والسنة، حيث يأخذون بالمنهج العلمي في النظريات التي تتوافق مع القرآن، بينما يديرون ظهورهم لما يرون انه يتعارض مع النص المقدس، أو ما يعجزون عن التوفيق بينه وبين الاشارات الدينية، مما يجعل الأمر يبدو وكأنه بعيد عن أصول البحث العلمي وقواعده المرعية، ويستندون على هذا الأمر، في ذهابهم إلى ضرورة تنزيه النص الديني وإبقائه بعيدا في مكانته الرفيعة كمحور إيماني وعبادي لا يعتريه التبديل، على خلاف العلم الذي يعتبر التبديل وإعادة النظر المبنية على «الشك» عنصرين أصيلين في ماهيته.
فإذا كان الخلاف بين الفريقين لايزال مشتعلا، فإن الطريق الوحيد المتاح لحسم القضية هو تنظيم حوار علمي بين أبرز المجتهدين من كلتا المدرستين لتحديد خطاب موحد، رحمة بجموع المسلمين الذين يمكن أن يتملكهم الدوار نتيجة التلفت يمينا ويسارا، لأن أكثر ما نخشاه أن نلقي بالناس العاديين ـ من دون أن نقصد ـ في لجة الحيرة والارتباك من حيث أردنا لهم ان يرسوا إلى شاطئ الهداية واليقين.
اقرأ أيضاً