استقدام الخدم من عمالة منزلية وسواق أصبح ظاهرة واضحة لا تستغني أسرة في البلاد عنها، علما بأنها ليست قديمة، حيث ظهرت بوضوح في بداية الثمانينيات من القرن الماضي وأصبحت الآن من ضروريات البيت.
في الماضي كان الدور كله يقوم على الكنات «زوجات الأولاد» والبنات في البيت وتقوم الأم بالإشراف والمساعدة، حتى كبار السن ومن لم يستطع قيادة السيارة فإن النقل العام كان يجوب كثيرا من شوارع المنطقة.. وهذا ما عاصرناه ورأيناه كيف كان الوالد رحمه الله ينتظر الباص ليذهب إلى السوق.
الآن أصبح كل العمل في البيت تديره وتعده الخادمة من شراء الاحتياجات إلى الطبخ والتنظيف، بل تعدى إلى تربية الأولاد حتى أصبحت الخادمة أم الأولاد والغالية عندهم، كما ان السائق اصبح رب البيت وقاضي احتياجاته، فبعض الأسر تعطي السائق ميزانية الشهر لتوفير احتياجات البيت والصرف على الأولاد وهذه طامة كبرى.
هذه الأيام أصبحت تجارة استقدام العمالة المنزلية مربحة، فبعد أن كانت التكلفة 500 دينار والراتب أقل من المئة الآن وصلت تكاليف استقدام بعض الخدم الى 2000 دينار والراتب تعدى 150 دينارا.. فأثقلت كاهل رب الأسرة بالديون والأقساط وأثرت على مستواه المعيشي.
لعل المشاكل التي تحدث الآن مع الفلبين بعدم السماح لمواطنيها بالعمل في الكويت تكون لنا باب خير، فهي التي رفعت أسعار استقدام الخدم وشعر بعض الناس بأنهم لو يعودون إلى ماضيهم في خدمة بيوتهم وتربية أولادهم أحسن وأرخص من خادمة لا تدين بديننا ولا تعرف ثقافتنا وعاداتنا، فالمحصلة أننا نعطيها راتبا ولعلها تدمر بيوتنا.
نقول ان هذا الحدث فرصة للتفكير حتى على الأقل في أن نتجه إلى تخفيض العدد بمعنى أن البيت تكفيه خادمة لا ثلاث أو الأسرة تكتفي بسائق واحد فقط، ويجب أن نحرص على أن ننمي العلاقة بين الأم وأولادها ويقتصر دور الخادمة على التنظيف والترتيب فقط وليست التربية.
هذا الحدث لعله خير في تنظيم عمل الأسرة ولعل الناس وخاصة الأمهات يعون ذلك الضرر ويكون لهم دور كبير في العناية ببيوتهم وأولادهم.. فالكثير من الأسر في العالم لا يعرفون هذه الظاهرة ولا تجد منهم من يخدم في البيوت، إلا أن الترف والراحة فتحا لنا هذا الباب، ولعل هذه المشاكل تكون في صالح المواطنين ودرسا نعتبر منه.
[email protected]