موسى أبوطفرة المطيري
تبقى المعرفة طريق القدرة على التفكير والعمل، ويبقى حلول التعب جزءا من الإنهاك الذي يعوق العقل عن المواصلة، ولهذا كان لابد من المبادرة المثلى لنيل قسط من الراحة، حيث يكون السفر مقصدا لتدليل الحواس بما تجود به الحياة، ويكون الاسترخاء طريقا للبحث عن التجديد وإرغام الهاتف النقال على وضعية الـ «off» ليريح ويرتاح من عناء الأخبار والتصريحات النيابية التي يبدو أنها لا تعرف العطلة الصيفية والتوقف.
ولهــــذا جمعــــت حقائبي هذه المــــرة واتجهت إلى الشرق بعد سنوات طوال من الغــــرام الأوروبي حيث اتجهت هذه المرة إلى التنين الصينــــي وتحديدا إلى مدينة كوانزو الواقعة في جنوب الصين، والتي باتت مقصدا للسياحة والتجارة، ولأنني بعيد عن التجارة قدر بعد الوفرة عن طريق العبدلي، فقــــد كان اختياري مرغما أن أكون سائحا وليس تاجرا، حيــــث تعد هذه المدينة من المدن التي تسابق الوقت والتقدم، لاحتوائها على التنوع التجاري الذي يبهر العقل ويشـــد الحواس، وفي كل ركن منها تجد المحلات والمجمعات التجارية، بل إن مناطقها قسمت على نوعية البضائع التي تعرضها، فهناك منطقة للملابس وأخرى لمواد البناء وغيرها للهواتف والأدوات الكهربائية المختلفـــة شكـــلا وجودة، حيث لا يكفيك اليوم منذ اشراقه وحتى المساء في التجوال في إحدى هــــذه المنـــاطق.
وحقيقة الأمر أن ما دعاني لسرد جزء من صحوة هذه المدينة التي لا تعرف النوم هــــو حالة الأسى التي تمر بها الكويت والنوم العميــــق الذي سيطر على دوائر البلد سواء التجارية أو السياحية، وقد ساهم في ذلك الحكومة من جهة وأعضاء مجلسنا المنتخب من جهة أخرى، رغم تمتعنا بالإمكانيات والموارد والعقول إلا أننا لن نوازي ما وصل إليه شعــــب التنين في مدينة الحوت كما يطلق عليها أهلهــــا حيث لا تمل من التجوال وسط بريق الإضاءة في المجمعــــات التجارية المترامية الأطراف، حيث يبقــــى أهــــل هذه المدنية وبطابعهم الودود سمة غالبة، ولولا عنــــاء الترانزيت في عدد من المطارات كون خطوطنا الزرقاء لم تسيّر لها رحلات مباشرة رغم كثرة الكويتيين الذين يقصدون هذه المدينة، ولولا ذلك لقلت إن رحلة كوانزو فاقت جولاتي في زي لمسي وجنيڤ وحتى بروج في بلجيكا لما حملته لي هذه المدينة من راحة بال واسترخاء كنت أبحث عنهما خلال عـــــام مضى.