[email protected]
كنت أقرأ في كتاب «فن الوجود» للكاتب «إيرش فروم» فوجدته ينقد فكرة اجتماعية رائجة، واعتقادا سائدا زائفا وهي «أنه لا أحد مجبرا على فعل ما يفعل، وإنما عليه أن يحب ما يفعله»، وهذا لا ينطبق ولا ينسجم مع الواقع، فالواقع يقول إنه حتى تحب ما تفعل عليك أن تفعل ما لا تحب، وحتى تحب ما تقرأ عليك في البداية أن تقرأ ما لا تحب.
الكاتب أنيس منصور، رحمه الله، لديه كتاب اسمه «اقرأ أي شيء»، أنت باتخاذك هذه الخطوة ستحب القراءة بشكل عام، ثم ستجد نفسك تقرأ في أمهات الكتب، وسيتولد لديك حب القراءة والاطلاع تدريجيا، لكن عليك أن تبدأ بقراءة ما يقع تحت يديك من الكتب والروايات والقصص القصيرة.
في أحد الأيام، وقبل اختبارات نهاية السنة الدراسية، قال لي ابني «سعد» إنه لا يحب أن يدرس، فأخبرته بأن ما يشعر به طبيعي وأن إحساسه هو إحساس غالبية الطلبة، وسألته: هل تظن أن الناجحين في حياتهم والمتفوقين في دراستهم يحبون ما نجحوا وتفوقوا فيه من أول الأمر؟ في البداية لم يكن لديهم هذا الحب والشغف والتعلق، لكن أتى كل ذلك مع الرغبة والاجتهاد والصبر، فأصبح لديهم حب لما يقومون به بعد أن كان كرها، وتولد لديهم الشغف بعدما كان بغضا، وتعلقوا بالدراسة بعد أن كانوا غير مبالين بها.
العالم والمخترع والمبتكر..هؤلاء لم يصبحوا على هذه الحال فجأة أو بين ليلة وضحاها، بل صبروا واجتهدوا وتغلبوا على أنفسهم حتى نالوا ما نالوا، لذلك القاعدة تقول: «أنا أفعل ما أكره، حتى أحب ما أفعل».
النفس البشرية مجبولة على حب الدعة والراحة والسكون وعدم الرغبة في التغيير وبذل الجهد والحركة الدؤوب، لأنه في البذل والجهد والحركة ينتقل الإنسان من إراحة الجسد إلى إتعابه، ومن صفاء الذهن إلى إجهاده، ومن تقليل المخاطر إلى الانغماس فيها.