يفرح الناس ويهنئ بعضهم بعضا ببداية كل سنة ميلادية جديدة.. فمن مسافر لبلد تقام به الفعاليات المختلفة، وتطلق به الألعاب النارية.. إلى تجمعات عائلية محفوفة، وشبابية متنوعة.. إلى جالس في بيته ولا تعنيه هذه المناسبة في شيء.. مشارب الناس شتى، ورغباتهم مختلفة، وما يسعون إليه لا يتشابه، كل له أهدافه وطموحاته وأحلامه ببداية السنة الميلادية.
٭ ٭ ٭
بعد أيام قليلة ستدخل السنة الميلادية الجديدة المعتمدة عندنا.. فسواء قرأت مقالتي قبل أو مع بداية العام الجديد أو بعده.. اطمئن فلم يفتك شيء.. لك أن تعلم أنه بتاريخ 7 يناير يحتفل الأقباط بمصر ببداية العام الجديد، وأن الصين تبدأ احتفالاتها ببداية العام في يناير وتنتهي بـ 8 فبراير، والمسلمون تبدأ السنة الجديدة لديهم في الأول من محرم والأمازيغ والفرس والهنود كل أمة وكل ملة لديها روزنامتها وسنتها الخاصة والتي تعتمد عليها.. فما نحتفل به اليوم في بلادنا تبعا لما اعتدنا عليه، هي السنة الميلادية التي اعتمدت عندهم.
٭ ٭ ٭
ليلة رأس السنة.. عشت في أميركا، وبريطانيا، وتواجدت هناك في ليلة رأس السنة لأكثر من 10 سنوات تقريبا.. ورأيت بعيني كيف يفرحون ويحتفلون ويبتهجون.. وكيف تجتمع العائلة بعد طول فراق، فهناك من يعمل بجد، والأغلب يكدح باجتهاد طول السنة فلا يرى الأب ابنته، ولا الأم ولدها، ولا الأخ أخاه إلا في مناسبات سنوية محددة على الروزنامة.. لذلك تجتمع العائلة في مثل هذه المناسبات فتجدهم يقدسون مثل هذه اللحظات.. كعيد الأم، وعيد الحب، وعيد العمال، وغيرها من الأعياد.. أما في بلادنا بالعالم العربي والإسلامي وعندنا بالخليج على وجه الخصوص لا نحتاج لمثل هذه المناسبات لإظهار الحب والتقدير والامتنان لمن هم حولنا.. فنحن نجلس ونلتقي ونرى الأهل والأقارب والأصحاب أغلب فترات السنة.. لا نحتاج ليوم محدد نظهر فيه مشاعرنا وأحاسيسنا.
٭ ٭ ٭
بداية السنة أضاعت الكثير من (الوقت والفرص).. يكثر البعض من التخطيط ووضع الاستراتيجيات ويكتب الأهداف للسنة الجديدة، فتنقضي السنة وهو لم يحقق منها شيئا ويستمر بإعادتها للسنة القادمة، فتجده يدور بحلقة مفرغة لا يصحو منها إلا وقد فاته الشيء الكثير والكبير، التخطيط مهم ولكن الإغراق فيه وتقديم الأحلام على الواقع يضيع الكثير.
٭ ٭ ٭
لذلك البدايات الحقيقية للتغيير تكون من اللحظة التي تقرر فيها إحداث نقلة في حياتك.. فالعمر يمضي.. والأيام تنقضي.. والساعات لن تعود.
٭ ٭ ٭
ليلة رأس السنة أضاعت الكثير من (المال).. بالفترة التي تواجدت بها في أميركا وبريطانيا كنت أستغرب كثرة المناسبات السنوية والاحتفالات الدورية التي تكاد تكون شهرية، فلك أن تتخيل مناسبات وأعياد لم نسمع بها في بلادنا إلى الآن وأتمنى ألا توجد.. كعيد البيض وعيد الضحك ويوم العمال والهالوين وأعياد كثيرة وأيام عديدة ما أنزل الله بها من سلطان، تعرفها من تغير البضاعة بالأسواق المركزية إلى الزخارف بالشوارع إلى الزينة التي على البيوت.
٭ ٭ ٭
لم أسترسل بما قلته ولم أطل بما بحت به ولم أخط قلمي عن رأس السنة إلا لأن الموضوع خرج عن الحد وتجاوز المعقول.. فأصبح المسلمون يحتفلون برأس السنة بلهفة، وينتظرونه بشوق، ويترقبون قدومه أكثر من احتفالهم وشوقهم وفرحتهم لأعياد المسلمين.
[email protected]