نافع الظفيري
لقد فجعنا جميعا بالحريق الذي تعرضت له المدعوات في صالة أفراح «الرفاع» في منطقة القصر في الجهراء، وهي صالة مخصصة على ما يبدو للنساء، وعلى الرغم من ان واقعة هذا الحادث رهن التحقيق، إلا ان المعلومات المبدئية تقول ان سببه يرجع الى زيادة الأحمال الكهربائية في الصالة، حيث أخذت بعض النسوة يحاولن اخماد الحريق المشتعل في «الكوشة» لكن النيران كانت أسرع فأتت على القماش المغطي لأرضية الصالة وسقط ديكور الصالة واحترقت الستائر وساد الهلع والخوف فتدافعت النساء هربا من الحريق والدخان، وراحت كل مدعوة تبحث عن مخرج للنجاة، وسقطت عشرات النساء مغشيا عليهن نتيجة الاختناق، وقد اسفر ذلك عن وفاة سيدتين احداهما كويتية (61 عاما) والأخــــرى سعوديــة (71 عاما)، وإصابة ما يقارب الـ 80 حالة نقلت أغلبها الى المستشفيات وقد قيل ان عدد المدعوات في الصالة كان يقارب الألف مدعوة، وقد سارع البعض بتحميل الإدارة العامة للإطفاء المسؤولية لعدم إغلاقها الصالة بسبب مخالفتها للشروط اثر عدم توافر نظام المكافحة الذاتي.
وقد أكد هذا الحادث أصالة وتكاتف الشعب الكويتي، فقد استحوذ الحادث على الجميع وفي مقدمتهم القيادة السياسية والنيابية بدءا من صاحب السمو الأمير وسمو ولي عهده الأمين، ونواب الأمة، كما هب أبناء الكويت ـ كل الأعمار والمستويات ـ نحو الجهراء، كما استنفرت جميع الأجهزة المعنية من مراكز الإطفاء والأمن والسلامة والإسعاف والمستشفيات.
إن ما نريد التركيز عليه هو كيفية توفير وسائل الأمن والسلامة بالشكل المطلوب، وأبسط التحاليل ان مثل هذه الأماكن يكون التجمع فيها كثيفا، وبالتالي يجب ان تكون احتياطات الأمن والسلامة متوافرة ومرنة، وان يكون هناك نظام طوارئ فعال لتفادي عواقب اي حادث تتعرض له هذه الأماكن، خاصة ان مثل هذه الحوادث في تزايد، وكان يكفي ان ذلك ناقوس خطر يدعونا لدراسة الآليات المفترضة للتعجيل بتنفيذ هذه الإجراءات بدقة وفاعلية، فالحادث وقع ولكن تظل العبرة في مدى ما استفدناه من تلافي اي حوادث مستقبلية.
كما ان هناك سؤالا يطرح نفسه حول التحقيقات التي تتم بشأن مثل هذه الحوادث، فماذا تم بشأن نتائج هذه التحقيقات وهي كثيرة ومتعددة؟ هل اتخذت الإجراءات المطلوبة بشأنها؟ وهل تم محاسبة المقصرين؟ أم سنكتفي بأن توضع تقارير التحقيقات في الحفظ ويصبح الأمر كأن شيئا لم يكن؟
ألا يدعونا هذا الحادث الى التأكيد على مراجعة مدى الالتزام بقواعد وإجراءات الأمن والسلامة بما فيها وسائل الطوارئ المستخدمة، وان تكون هناك أولويات بالأماكن التي تستحوذ على أعداد كبيرة من المشاركين أو المدعوين مثل قاعات المؤتمرات وقاعات وصالات المناسبات الاجتماعية، وأماكن التجمعات وما شابه ذلك، وايضا في الأماكن التي يرتادها كم كبير من الناس مثل المستشفيات والسينمات ودور العرض والمعارض.. الخ، فيجب ان تكون هناك مراجعة لمدى التزام المسؤولين عن تلك الأماكن بالقواعد والإجراءات سالفة الذكر، وان يحظى ذلك باهتمام وأولوية قطاعات الدولة المسؤولة عن ذلك، فحقا نحن في حاجة ملحة لمثل هذه المراجعات، ونأمل ان يستجيب المسؤولون لهذا الاقتراح لخدمة الصالح العام لكويتنا الحبيبة.