نرمين الحوطي
من أقوال محمد ( صلى الله عليه وسلم )«اللهم انت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام» ومن أقوال عيسى عليه السلام «الله محبة وعلى الارض السلام».
والسلام كلمة لها مدلولها الواسع اذا ما استعملت وانتشرت في اي موقف كان، وهي الكلمة التي يتولد منها الامن من الآخرين في المواجهة المجهولة، ونقيضها الحرب وهي كلمة ممقوتة في كل الظروف وملعون من يستعملها بداية بظلم، ومغرور من يلجأ اليها تحت مسمى الدفاع عن النفس والوطن ونتيجتها المنطقية الدمار والخراب والموت والفقر والمرض.. الخ.
واذا كانت هذه المسميات الناتجة من الحرب بهذا القدر من الفظاعة فان السلام هو المقابل في هذه الحالة والنقيض لهذه الاثار السلبية، وكم من امم استعملت الحرب وسيلة لاطماع دنيوية سواء سياسية او مادية ولم تجن سوى دماء ملوثة من الطرفين والادلة يحملها التاريخ الطويل للبشرية سواء قديما او حديثا.
ان المواجهات التي تمت بين بعض دول العالم وبعضها الآخر قد راحت ضحيتها مئات الالاف من الارواح، التي ازهقت بلا ذنب اقترفته سوى انها من ابناء هذه الدول، اما الاموال فحدّث ولا حرج، الارقام تعجز عن ان تصل الى الرقم الذي يمكن ان يقرأ ليفي بالحقيقة، هؤلاء الشباب وهذه الثروات كانت يمكن ان تخلق عالما متحضرا متعففا في مأمن من الفقر والمرض.
والسلام لفظا له معناه الواسع الذي يسع البشر في جميع انحاء العالم، وهو الذي خلق الله الدنيا عليه، وهو احد اسماء الله الحسنى، واذا كانت الحرب الاسرائيلية ـ العربية قد مرت بمراحل عديدة كانت لها نتائج مغايرة في كل فترة فان قرار الحرب اذا كان في الحق فهو شجاع اما اذا كان في الباطل فهو خسة ونذالة لاستحلاله حقوقا غير مشروعة تضم الى اناس ليست لهم بحق وتغتصب من اصحابها دون ذنب اقترفوه او جريمة ارتكبوها، ومع كل ذلك فمهما كانت اسباب القرار بالحرب فانه يخلف تلالا من الاشلاء ويهدم حضارة ويمحو منارة ويزرع الضغائن في النفوس الميتة لكي تنمو وكلها اوبئة.
في المقابل فان قرار السلام يعكس الصورة بكل خطوطها المتعرجة المنكسرة لتتضح معالمها وتتفتح اركانها المظلمة وتستعيد ترتيب خطوطها ومساحاتها المتبعثرة المتداخلة معلنة عن نفسها انها صورة للسلام، للأمان، للحياة الغد وما يعده للانسان كي يعيش عمره دون نقصان في هدوء وطمأنينة بعيدا عن اهوال الخوف.
ان السلام في الوطن والاوطان العربية والعالمية، اي السلام العالمي، السلام العادل، الذي يحسه الفرد والمجموع، لهو الحياة التي ارادها الله للانسان في كل مكان وهو الامل في المستقبل القريب والبعيد لكي يحقق فيه البشر طموحاتهم دون خوف من مجهول او دون عائق يحول دون اكتمال الحلم الذي يعد جنين الحياة لكي تتواصل الاجيال في تقدم مزدهر مستمر.
لقد صنع السلام معجزة الامن والاستقرار التي لم تتمكن الحروب من ان تصل اليها، الحروب التي بدأت وانتهت لتبدأ من جديد ولكي تستمر لسنوات وهي تحصد وتحرق الاخضر واليابس وتستنزف ثروات البلاد وترهق ميزانيات السنين في صورة اسلحة تصهر الانسان، وفي المقابل فان تلك الاسلحة تتوافر لكي يفتك بها الانسان الانسان في نزاع وصراع والنتيجة فناء الانسان مهما كان انتماؤه السياسي او الديني ودمار الحضارة وخنق الحياة لكي تلفظ انفاسها في كل مكان.
يتبع...