نرمين الحوطي
في الخميس الماضي كانت الذكرى المشؤومة التي لا يقدر أحد ان ينساها وهي الاحتلال الغاشم 2/8، تاريخ لا ينسى في نفوس أبناء الأمة العربية، وانني لن أقوم بتحليل أو اعادة الذكرى ولكن السؤال هو أين وصلنا من ذلك التاريخ حتى الآن؟ الاجابة محلك سر!
انني سأكتب من خلال زاوية اختصاصي بعيدا عن كل القيود السياسية والاقتصادية والاجتماعية، سيكون حديثي عن المسرح الذي هو أخطر وسائل الإعلام تأثيرا على المجتمع ذلك لأسباب لها منطقها، وهذا لا يلغي دور الوسائل الأخرى من تأثير، واذا كان المسرح يشترك مع بقية هذه الوسائل في نقل الثقافة والتوجيه سواء المباشر أو غير المباشر فإنه ينفرد بخاصية خطيرة ألا وهي المواجهة والالتحام، وأخص منه مسرح الطفل، فبالرغم من المتغيرات التي طرأت على الساحة العالمية بوجه عام والكويتية على وجه الخصوص التي تبدو معطياتها واضحة للجميع، ولا أريد هنا أن أخوض في النواحي السياسية، ولكن يكفي ان اركز على الناحية الاجتماعية التي اصابها شرخ وجرح عميقان عقب العدوان العراقي الغاشم التي أيضا لم تعد كما كانت من قبل، من هذه النقطة أقول ان مسرح الطفل الذي كان سائدا قبل الاحتلال والذي كان مقصرا بشكل ملحوظ، هل هذا الشكل يمكن ان يفرض على أطفال تعرضوا لهزة عنيفة لم يستوعبوا ابعادها الحقيقية، ان هؤلاء الأطفال لم يصلهم من نتيجة هذا الاحتلال سوى الخوف العميق الذي ترك في داخلهم تساؤلات كثيرة سكنت ولن تخرج الا اذا أحسن القائمون على مسرحهم تقديم عروض مدروسة فنيا ونفسيا لكي يتمكنوا من انتزاع هذا الخوف من داخلهم نهائيا وليس عروضا على شكل مسكنات وقتية يزول مفعولها بزوال العرض دون ان يترك لدى هؤلاء الأطفال فرصة استرجاع ما شاهدوه والتفاعل معه بغية استئصال ما جثم داخلهم.
والمتخصصون في هذا الفن في الكويت ولكن للأسف البعض اصبح انتاجهم قليلا وموجها بشكل سطحي، اننا في الكويت مسؤولون جميعا عن تعويض جيل بأكمله عما اصابه من هذا العدوان الذي لا ذنب لنا ولا لهم فيه. فإذا كان البناء الحجري من السهل تحقيقه، فان بناء ما تهدم من نفسيات الأطفال لم يكن أبدا سهلا، بل انه يحتاج منا الى دراسات وبذل الجهد في تقديم عروض مسرحية لهؤلاء الأطفال بموضوعات لم تستهلك بعد، بل موضوعات جديدة.
ان تراثنا العربي مليء وثري، ونقدر ان نستمد منه موضوعات كثيرة وجميلة، فمن خلال النص نقدر ان نعيد مسرحا قويا حيث انه يعد اللبنة الأولى للمسرح، نريد مسرح السبعينيات الذي كان منارة للأطفال بل للكبار، ان المسرح وسيلة تغيير وتطهير وتعليم وتهذيب وتربية وليس فقط للتسلية كما هو عليه الآن.