بالأمس القريب كنت أطلع على الرسائل المبعوثة لي بالبريد الإلكتروني الخاص بي فوجدت رسالة تحمل عنوان «أفضل ما صنع الغرب عن الإسلام»، ففتحتها متخوفة من أن تكون مسيئة للإسلام ولكن ما وجدته غير ذلك!
الرسالة عبارة عن إعلان تعليمي يحمل عنوان مقالتنا «ألف وواحد اختراع ومكتبة الأسرار»، مدة ذلك الإعلان 10 دقائق، فكرته تدور حول أهمية البحث بالنسبة للطلبة وكيفية القيام به من خلال ذهاب المعلمة مع الطلبة من الذكور والإناث إلى المكتبات العامة لإعداد البحث، وللأسف نحن نفتقد هذا النمط من التعليم في دولنا العربية وأخص التعليم في الكويت.
يبدأ الإعلان أو الدعاية التعليمية من دخول المعلمة مع الطلبة إلى إحدى المكتبات ثم تطلب منهم البحث عن الحضارات وأهمية كل حضارة للعصر الحديث، وتوزيع الموضوعات المطلوبة على مجموعات تتكون كل منها من 3 طلاب، ويقع على إحدى المجموعات موضوع حضارة العصور الوسطى أو كما أطلقت عليها المعلمة «العصور المظلمة»، فيذهب الطلبة إلى البحث من خلال سؤال أمين المكتبة تلك الشخصية التي لا أحد يتذكرها الآن في مجتمعنا التعليمي، المهم يسأل الطلبة عن العصور المظلمة وكيفية الوصول للكتب الخاصة بها، فيستغرب أمين المكتبة من هذا المسمى وينفي وجود عصور مظلمة ويدعو الطلبة لأن يتبعوه إلى الطابق العلوي لتأكيد ما يقوله وهو عدم وجود «عصور مظلمة»، ويبحث الأمين عن كتاب حتى يجده ويقوم بوضعه على طاولة المطالعة، وإذ بالكتاب يفتح بأسرار كثير من المخترعين والمفكرين الذين كانوا جميعهم ينتمون إلى الحضارة الإسلامية، وهنا تأتي الحرفة الإعلامية التي للأسف نفتقدها في برامجنا التعليمية والتثقيفية المقدمة عن حضاراتنا أو ثقافتنا، فنجد أن أمين المكتبة يتحول كما لو أنه مارد يخرج من الفانوس السحري ولكن بالزي العربي والفانوس، وعند خروجه من الكتاب تصاحبه بعض الأفكار والحروف العربية والشخصيات العربية أيضا وعندما تشاهد المنظر تقف احتراما لفن الإعلان وفن التصوير وكيفية تنفيذه، ولأجل الحضارة الإسلامية تلك الحضارة التي أثرت الحضارات الأخرى بالاكتشافات العلمية، وكانت نقطة بداية لكل مخترع أتى من بعد الحضارة الإسلامية ليكمل ما توصل إليه علماء مسلمون.
وهنا يظهر للطلبة «الجزري» الذي اخترع «ساعة الفيل» التي من خلالها قام بتوحيد الحضارات والأزمنة في آلة واحدة، ثم يختفي «الجزري» ويظهر من أعلى المكتبة «عباس ابن فرناس» أول من فكر في طيران الإنسان. والجميل في الفيلم التعليمي الذي أجزم بأنه فيلم وليس دعاية لما يحتويه من سيناريو وشخصيات وتطور في الأحداث ووجود البداية والوسط والنهاية وأن مؤلف هذه المادة الدرامية لم يغفل المواقف الكوميدية لكي لا يصاب المشاهد بالملل، وتحقق له ذلك من خلال وقوع «ابن فرناس» على الأرض مستنجدا بـ «أبو القاسم الزهراوي» أبو الجراحة ليقوم بتطبيبه وعلاجه، وخلال هذا يقوم بتعريف نفسه للطلبة وما قام به في علم الطب من اكتشافات، وأخيرا ينهي الفيلم بالمرأة الجميلة كما لو أنه أراد أن يقول للمشاهد أن دور المرأة المسلمة كان موجودا منذ قديم الزمن، وكان فعالا في الحضارة الإسلامية من خلال «مريم الاسطرلابي» مخترعة «الاسطرلاب المعقد» الذي نقول عنه الآن البوصلة أو مهدت لوجود الأقمار الصناعية، وينتهي الفيلم مع رجوع كل تلك الشخصيات والأفكار داخل الكتاب، وترجع شخصية أمين المكتبة الذي ينهي الفيلم من خلال وصية يوجهها للطلبة والمشاهد أيضا وهي «أن تلك العصور لم تكن مظلمة بل عصور ذهبية».
كلمة وما تنرد: بخصوص البرامج التعليمية التي نقدمها لطلابنا من خلال الجهاز الإعلامي التربوي التعليمي نقول لهم من تعرفون من تلك الشخصيات التي ذكرناها في مقالنا.. وسلامتكم.
[email protected]