نرمين الحوطي
بحثت في جميع الكتب عن معناها فلم أجد أصدق من شعور الإنسان واحساسه بها، فهي كلمة صعبة جدا من حيث الاحساس والشعور بها، ولا تقتصر على العلاقة بين الرجل والمرأة سواء أكانوا أزواجا أم أحباء، فالخيانة من الممكن ان تتواجد بين الرئيس والموظف، وبين الطالب وأستاذه، وأصعب أنواع الخيانة التي تكون بين الأصدقاء، فالصديق بالنسبة لصديقه يعتبر مرآة عاكسة، عملة واحدة، وهيهات اذا كان الصديق يقوم بخيانتك، حيث انك ترى من خلاله الدنيا وترى شخصك من خلاله، فعندما يتصادق اثنان فإنهما يقيمان العهد على انفسهما بالصدق الذي هو اساس كلمة صداقة، وما اصعب كلمة الصدق عزيزي القارئ، تخيل معي انسانا مجروحا أغلقت في وجهه كل الأبواب، ويأتي اليه في ظل هذه الظلمات شخص يدعي انه صديقه وانه ظهره وسنده في دنياه، ويعتقد هذا الانسان أن الدنيا قد ضحكت له عندما يظن انه وجد بؤرة نور من الأمل ستخرجه من همه وأحزانه، فيصدق هذا الإنسان من جاءه من باب الصداقة ويذهب اليه ليرتمي على صدره ويشتكي له، والآخر يقول له انا لك ويقوم بالمسح على رأسه عطفا وفي يده الأخرى يمسك بخنجر استعدادا لتقطيع جسده من اجل المكسب والمصالح الشخصية، ما أصعب هذه المشاعر والاحساس بها، ولكني اقول لهذا قف، اين عهدك لصديقك عندما عاهدته على الحماية والصدق والمحبة، اين وعودك له عندما اقسمت له بأنه لن يتأوه من يوم ان بدأت صداقتكم، وانك ستكون له حصنا يحميه من كل أذى يقع عليه، أقسمت على ان تغذيه بروحك، عذرا ايها الصديق، بالأمس كان هذا الانسان يشكو اليك همومه ويقول لك ان الله انعم عليه عندما وجدك وانك أصبحت الصديق الصدوق وكنز اسراره.
واليوم أجدك تمزق جسد هذا الانسان وتفضح اسراره، هذا الانسان الذي تمنى من الدنيا صداقتك وسط كل همومه والظلام الذي كان يعيش به، فكان بمفرده عاجزا يفتقد الحب والحنان، وعندما وجدك وقف على رجليه مرة اخرى عندما ظن أنه قد وجد الخير من خلال صداقتك، اين الصداقة التي قمتم بالقسم عليها وكان الرد منك الخيانة.
للأسف مثل هذه القصص ما هي الا ناقوس خطر في حياتنا اليومية، عندما تموت الصداقة بين البشر، يجب علينا اليوم ان نحذر ونقول لمثل هؤلاء كفى، فإن الله خلقكم لتنشروا المحبة بين الشر وان تنصروا اخوانكم ظالمين ومظلومين، عندما اكتب هذه الكلمات فإنني اعنيها بأكملها، بكل حرف فيها، ما فائدة الدنيا اذا أصبح الخداع والخيانة موجودين في حياتنا اليومية والعملية، إن هذا الإنسان لم يطلب من صديقه الا كلمة الوفاء والعيش من خلالها، وانا اقول له لماذا الخيانة، ماذا فعل بك لترد على حبه واحترامه لك بالخيانة والكره والضغينة؟ انه احبك واحب الخير لك وكان دائما يشدو باسمك ويذكر محاسنك ويتناسى اخطاءك، لماذا كل هذا فهو لا يطمع لمركز ولا لمال بل يريد صديقا يثق به ويحكي له عن همومه؟ هذا ما يريده منك، لا يريد كما يريد الآخرون، واليوم اقول لك كفى ايها الصديق، رفقا بهذا الانسان فإنه بالفعل يقدرك ويكن لك الخير وستعرف هذا في المستقبل ولكن بعد وفاة هذا الإنسان، وقتها ستتحسر على خسارتك لصداقته لك.
لعلي اكون قد اوصلت لكم نوعا من انواع الخيانة والتي هي اصعب أنواعها لأنه من الصعب على الانسان ان يجد صديقا في هذه الدنيا يحبه ويحترمه بل يخاف عليه من اي مكروه، ولكن للأسف المصالح الشخصية والمادية أصبحت تعمي أعيننا عن أشياء جميلة كثيرة منها الإخلاص والصداقة.