نرمين الحوطي
«كان أحسن الأزمان، كان عصر الحكمة، وكان عصر الحماقة، كان عهد الايمان، وكان عهد الجحود، كان زمن النور، وكان زمن الظلمة. كان ربيع الأمل، وكان شتاء القنوط، كان أمامنا كل شيء، ولم يكن امامنا شيء».
تشارلز ديكنز
عندما قرأت هذه الكلمات شعرت بدفء شديد باتجاهها، لا أعلم لماذا؟ ربما لأنها تصف حالة الكويت الآن وما تمر به من توترات سياسية واقتصادية، فتارة نرى أو نسمع عن مشاريع تريد الدولة القيام بتنفيذها، وتارة نرى ما سمعناه أو قرأناه أخذته عاصفة من المشاحنات السياسية تحت قبة مجلس الأمة وذهبت المشاريع مع الرياح ولم ينفذ أي شيء، وهذا هو الحال للكويت، الوقف لكل شيء، والدول المجاورة تصنع وتشيد وتبني ونحن محلك سر.
أين الكويت الآن وأين كانت من قبل؟ أين الشعور الدافئ الذي كان يسود اجواءنا السياسية والاجتماعية؟ أين أهل الكويت؟ أين شباب الكويت؟ كل هذه الأسئلة لابد من الاجابة عليها في جملة واحدة وهي «انتهى زمن الحب»، نعم انتهى وأصبح غير موجود في دولتنا، أصبحت ايادي بعض النفوس المريضة تمزق بأصولنا وبعلاقاتنا الأسرية لمصالحها الشخصية، أصبحنا للأسف الشديد تكتلات سياسية دون تحديد أهداف هذه التكتلات أو توجهاتها السياسية، فقط اصبحنا مجرد ابواق تعارض وتتكلم دون معنى أو مفهوم، ولماذا هذا كله! للمصالح الشخصية وفرض العضلات، أصبح الصراخ هو القوة العظمى في دولتنا، كما نشر الفضائح على صفحات الجرائد هو شغلنا الشاغل في هذا الوقت.
الآن أصبحت الكويت للأسف في آخر ذاكرتنا، من منا يفكر فيها؟ لا أحد! أين قوتنا التي وقفت امام كثير من الأزمات لتقول «لا»، وندافع عن الكويت وسيادتها وأرضها، أين هذه القوة الجبارة التي لم تفرق بين أصول أو فئات أو مذاهب، كنا كلنا يدا واحدة، وكلنا كنا للكويت، كان هذا شعارنا وقوتنا حب بلادنا وحبها لنا، ولكن اصبح هذا الحب من طرف واحد، ان الكويت تنتظر محبوبها ليعطي لها كما كان من قبل، تنتظر رجوع هذا الزمن الجميل.
أيها الكويتيون رفقا بنا ورفقا بالكويت، أصبحتم كالسطور التي كتبها تشارلز ديكنز التي ذكرناها في بداية مقالتي، أصبح مجتمعنا غير مفهوم، أصبحنا شعبا لا نعلم ماذا نريد؟ وهذا يعد ناقوس خطر يدق ويرتفع في ميادين (الكويت)، اتركوا عنكم الشعارات المستوردة، ابتعدوا عن الحسد والكراهية، تناسوا مصالحكم الشخصية فكل شيء فانٍ ولن يبقى الا وجهه عز وجل وسيرة الإنسان الطيبة، ارجعوا لعاداتنا وتقاليدنا، ليكن كتاب الله عز وجل وسنة رسوله الكريم مفاتيح حضارتنا وتقدمنا.