د. نرمين الحوطي
الشفافية وما بعدها من مصطلحات مقعرة ومدببة يرددها بعض المسؤولين الذين يعتقدون للأسف أن استخدام هذه المصطلحات الغليظة لا أحد يعلمها الا هم، بل الأجمل من هذا ظن البعض أن استخدام تلك المصطلحات سيعطيهم ثقلا سياسيا.
بدأناها بالعولمة ومن ثم الشفافية واليوم التنمية، والسؤال هنا لماذا كل دورة يقوم البعض باختيار مصطلح ليكون رمزا للدورة؟ والأغرب من هذا تجد بعض المسؤولين يقومون بالتحليلات والمبررات من خلال هذا الرمز، بل المضحك من هذا وذاك أنك عندما تقوم بمحاورة أحدهم أو السماع لبعض خطاباتهم تجد الرمز المختار للدورة يذكر مائة مرة إذا كان الخطاب يحتوي على 101!
في الدورة السابقة اختيرت الشفافية لتكون رمزا لهم وأصبح الكل يتكلم عن الشفافية مثل أختها العولمة، وهانحن اليوم نقلب الصفحات لندخل منهجية جديدة اسمها التنمية، هذه الكلمات وتلك المواقف تذكرني بقصة قرأتها عبر المواقع الإلكترونية، المسموح بها طبعا، وهي: يحكى أن بروفيسور في جامعة كان يدرس تلاميذه، وكان يحضر معه في ذلك اليوم بعض الوسائل التعليمية للشرح وتوصيل المعلومة، وأثناء المحاضرة وجد الطلبة البروفيسور يخرج بعبوة زجاجية كبيرة فارغة واخذ يملؤها بكرات الجولف دون أن يقوم بشرح ما يفعله وبعد أن ملأ الزجاجة سأل أحد الطلبة: هل الزجاجة التي في يدي ممتلئة أم فارغة؟ فقام الطلبة بالضحك واتفقوا جميعا على أنها مملوءة، فأخذ البرفيسور صندوقا صغيرا من الحصى وسكبه داخل الزجاجة ثم قام برجها بشدة حتى تخلخل الحصى في المساحات الفارغة بين كرات الجولف، ثم سألهم إن كانت الزجاجة ممتلئة؟ فاتفق الطلبة مجددا على أنها ممتلئة، فأخذ البروفيسور بعد ذلك صندوقا صغيرا من الرمل وسكبه فوق المحتويات في الزجاجة وبالطبع ملأ الرمل باقي الفراغات فيها، وسأل طلابه مرة أخرى إن كانت الزجاجة ممتلئة فردوا بصوت واحد: إنها كذلك، فأخرج البروفيسور زجاجة فيها ماء وسكبه داخل الزجاجة، وهنا ضحك البروفيسور وقال: الآن أريدكم أن تعرفوا ما هي القصة، إن الزجاجة هي الدنيا بالنسبة لكل فرد منا، وكرات الجولف هي الأشياء الضرورية لحياتنا كالدين والقيم والأخلاق وحب الوطن والصحة والتعليم «مو مثل ربعنا العولمة واستخدام الكلمات الغليظة، يا جماعة الحياة حلوة ما يبيلها كل هذه التعقيدات»، أما الحصى فهي الأشياء المهمة في حياتنا كالبيت والسيارة والوظيفة «مو الشفافية طال عمركم وتدريسها في مناهجنا وماحد عارف شنو أهميتها»، اما الرمل والمياه فهما من الأمور البسيطة والهامشية ولكنها مهمة أيضا لدى أي إنسان «وسلملي على التنمية»!