بدأت القصة من الحدائق المعلقة ومن ثم اشتدت الأزمة من وادي النيل واليوم قصتنا تنتهي في تدمر ولا نعلم أهل الثقافة أين هم من مأساة حضارتنا العربية؟
بعيدا عن الإسلام الذي لم يحرم النحت أو الفن ككل يا من تنادون بأنكم متأسلمون أين أنتم من الحبيب المصطفى عليه أفضل السلام الذي لم ينه عن الفن والثقافة؟ لم نقرأ في تاريخنا الإسلامي بأن رسولنا الكريم قام بتكسير الإهرامات وهو خير منكم، فإن كان الفن محرما فمن الأولى أن يكون الرسول عليه الصلاة هو أول من قام بتكسير الحضارات السابقة لكي نقتدي به، ولكنه لم يقم بذلك بل احترم الشعوب والأديان الأخرى السابقة وأشاد بها ، هذا هو الإسلام يا من تنادون باسمه وتخاطبون برايته وتأتون اليوم لتدمروا حضارات الأمة العربية، هل هذا مخططكم بأن تمحوا معالم الدول العربية تاريخيا باسم الإسلام هيهات لمن قام بتنظيم قواعدكم لمسح الهوية العربية ولكن اللوم ليس عليكم إنما اللوم على من ينادون بأنهم حماة الثقافة وهم ليسوا بأهلها؟
كلماتنا اليوم قد تكون صرخة من القلب ليس فقط باسم الثقافة بل بصوت الهوية العربية، صرخاتنا تنبع من الحسرة ونحن نقف مكتوفي الأيدي أمام الغزاة وهم يهددون ويحاصرون تاريخ الأمة العربية، قلوبنا تتألم ونحن نسمع ونشاهد الحصار على تاريخ وحضارات هويتنا العربية ولا نجد من يدافع عنها، بالأمس القريب كم من الاجتماعات قامت ونددت وطالبت بمطالب عديدة لم نر من تلك الاجتماعات من نادى بكيفية الحفاظ على الحضارة العربية، بل لم نجد من تلك القمم قمة تناشد من خلالها كيفية تطوير ثقافتنا وحمايتها من أيادي المتأسلمين.
ان الوطن العربي إذا قمنا بمسح تاريخي وحضاري سنجد بأنه يمتلك في هويته العديد من الحضارات الأوروبية قبل العربية، بل سنجد بأن الوطن العربي كان مهدا وحصنا وحماية للعديد من الحضارات والثقافات الخارجية قبل الداخلية، فها هي أرض الكنانة احتضنت في قلبها الحضارة الفرعونية وكانت مهد الأديان السماوية فولد بها سيدنا موسى واحتمى في أرضها سيدنا عيسى وتزوج من نسائها خاتم الأنبياء سيدنا محمد عليه أفضل السلام ، لا تقتصر كلماتنا فقط على أرض الكنانة، فما حدث في وادي النيل تماثل معه بلاد الشام وبلاد الرافدين وشبه الجزيرة العربية، فالأمة العربية تحمل بين تاريخها وأرضها كنوزا لا تعد ولا تحصى من عبق التاريخ، فكيف إلى الآن لا يجتمع قادة العرب لحماية تاريخهم وتطوير من هويتهم العربية؟
مسك الختام: «الإسلام لا يعارض العلم الصحيح ولا الفن النافع ولا الحضارة الخيرة وإنه دين سهل رحب مرن» علي الطنطاوي.
[email protected]