كانت تقول لها: ولكن العسل شفاء، هكذا ذكر في القرآن!
فردت: هل سأقتنع الآن لأن القرآن ذكر ذلك؟! أنا لا أؤمن بالقرآن فكيف بالاستشهاد به؟
ردت الأولى: ولكنه كلام الخالق! فكان الجواب: أنا لا أؤمن به أصلا! وبدت آثار الدهشة على وجه الطبيبة فلم يتقبل عقلها أن تكون زميلتها لا تؤمن بالقرآن! وانتهى الحوار بأوجه غاضبة وكهرباء في الجو تصعق كل شيء جميل في علاقة كل من الطبيبتين مع بعضهما! غاب عن الطبيبة بديهية أن من يدين بغير الإسلام من الطبيعي جدا ألا يؤمن بالقرآن!
استثمر علاقاتك عبر المساحات المشتركة وهي الأمور التي لا تؤذي العلاقات، حتى وإن حدث فيها الخلاف كرأيك بمطعم ما أو انطباعك عن الجو أو حتى اختلافك مع زميلك فيما يخص العمل.
كطبيب من الممكن أن اختلف مع زميل لي بطريقة العلاج أو تقييمي للحالة، أما ما يفعله الكثير من مناقشة الأمور العقائدية أو الآراء السياسية أو الرياضية ـ وهنا أقصد التعصب الأعمى ـ فإن الخلاف في هكذا مواضيع قد يغير مسار العلاقة كليا ويضيق أفقها، وقد يتم تصنيفك من الطرف الآخر في كل ما ستفعله لاحقا بناء عليها! كل ما يكون خارج المساحات المشتركة لا يضر إن لم يعرف ولكن قد يجلب لك المشاكل والعقد حتى وإن لوحت به فقط!
ويبقى السؤال: هل إن كان تعاملي مع الآخرين ضمن المساحات المشتركة فهل يعني ذلك امتلاكي لأكثر من وجه؟ الجواب لا، فهذا ليس بكذب ولا تلون بل نحن بحاجة كبشر أن نركز جدا على المشتركات ونستثمر فيها مرارا وتكرارا فمن المؤسف أن 99 أمرا تتفق فيها مع غيرك لن تشفع لك أمام اختلاف واحد تركز عليه! وما تعتبره «علاقة قوية» سينسف كاملا خلال خمس دقائق!
التركيز على المشتركات سيدفع جودة علاقتك بالأهل والأصدقاء وزملاء العمل نحو الأفضل، وإن كنت تفكر بالخروج من المساحة المشتركة عليك اختيار التوقيت المناسب والتأكد من استعداد الطرف الآخر! تريد أن تنشر معتقدا أو فكرة على سبيل المثال كن أنت صورة حية له أو تطبيقا عمليا له.
قصتي مع كريستينا لم تنته بحوار عقيم عن العسل، بل ما زالت مستمرة يغذيها المشترك الذي عاد علي بعلاقة عمل مميزة واكتشفت أني أعمل مع طبيبة ومترجمة تتحدث ثلاث لغات وقارئة مميزة تقرأ ما أكتب وتضيف عليه، أشياء أغلب من عرفوا كريستينا لم يعلموا بها!
@DrNawras