تصيح الحناجر وتصرخ الجموع، مرددة جملتها المشهورة «الشعب يريد..»، فبمجرد دويها في البلدان، تجد الحكومات تنقسم الى قسمين، قسم يرخي الآذان ليسمع ماذا يريدون؟ وقسم يصيبه هذيان فيجهز الصبيان لقمع الشبان حتى لا يسمعون. فالأول حكومته نجت وأما الثاني فالتاريخ له يشهد بأن الحل الأمني طوال عمره لم يأت بالمنفعة، فهذا زين العابدين وهذا مبارك ومعمر ومن قبلهم ديكتاتور الأرجنتين، فأين هم؟
لقد ضاقت الشعوب العربية عموما من الفساد المستشري بأنواعه، وضاقوا منه ولم يضق منهم، ونحن في الكويت لسنا بأقل فسادا منهم، فحتى الرمل صار يسرق ليس من الوافدين بل من بعض رؤوس المواطنين، حتى جاءت لنا بعدها طامة الملايين التي صار المجنون يقول عنها «والله عيب»، فما بالك بالعاقل إذن؟
لقد ضقنا من حكومة لا تعي ماذا تفعل، ومن نواب ظنوا أن قاعدة عبدالله السالم منجما، فأغراهم الشيطان ـ وأشك في ذلك ـ لأن الشيطان أقسم بالله مرة ولم يخن قسمه، أما البعض عندنا فيقسم كل مرة ولا يبر بواحد من قسمه، فأيهما أفضل؟
قد يظن الشيطان ـ عفوا أقصد ـ بعض النواب، أن الحكومة ستكرر سيناريو مجلس 86 إذا ما وصلت الأمور إلى مرحلة الإفصاح، حتى يستتروا من بلاهم، وهذا السيناريو جدا خطير لأنه سيبعث الحكومة لمزلق مفاده فشل مركب في إدارة البلد وثرواته، وانعداما للثقة، مما يترتب عليه بديل فوري للحكومة، أو سيخلف ذلك ربكة تكتسح البلاد، لأن المصاب عظيم والشحن أصبح يزيد، والعقول القديمة تغيرت، والتوقيت سيئ لمثل هذه الحلول، فيكون الحل الأفضل والأنسب لها أن القانون يأخذ مجراه فتنتهي هذه المسألة، خصوصا أنها ظهرت تزامنا مع الخطاب الأميري، واجتماعات سموه حيث أشار الى وجود الهدر ومكافحة الفساد، فأي حل سترجون؟
لقد أحرجتم أنفسكم فمثــل هذه الحلول المطروحة تكون في حادثة لم تأخذ زخما وأول مرة تحدث، ولكـــن الآن لا، فالأسماء انتشرت والشبهات حامت، والعار يورث، فيا حكومة أمامك طريق واحد وإلا ستكون ثقافتنا ثقافة سرقة ورشوة، فاتقي الله فينا وسيري في تطبيق القانون، قبل ألا يكون هناك قانون وتذكري بأنك ستسمعين حناجر تهتف وتقول «الشعب يريد كشــف الرصيد» و«الشعب يريــد قانونا من حديد» و«الشعــب يقــول الحــل لن يفيد» فهــل تنتظــرون سـماع ذلك؟ الأمر متروك لديكم.
نص سالفة: بسبب انشغالي بأموري الخاصة، انقطعت عن الكتابة مؤقتا، ولا أخفيكم سرا أن السبب هو مراجعتي للمكاتب الهندسية، لأني أريد تصميما جميلا لمدرسة نموذجية متكاملة، وبلغت الكلفة تقريبا –بعد الحمد لله- مليونين وشي، يعني «يا باشا» 10 مدارس سقفهم ما يطيح بهالـ 25 مليونا بالأمانة مو هذا أبرك من ارفع ايدك وله نزل ايدك!
ختامها، عودا محمودا للأستاذ المبدع والرائع سامي النصف ونطالبك بمقالين في اليوم كتعويض عن فترة انقطاعك، وحمدالله على السلامة.
[email protected]
twitter@oaltahous