لا تسأل كويتيا سواء كان صغيرا أو كبيرا، غنيا أو فقيرا، هل أنت مرتاح من الوضع العام في البلد؟ إلا وتجد لا النافية هي الإجابة الشافية، فأنا شخصيا في كل يوم أخرج من بيتي إلى أقرب ديوانية أو مشوار، أجد لساني بتلقائية لا يكف عن التحلطم فأداوي لساني «بسيجارة» أوقدها من قلبي حرقة على بلدي.
فلو تفحصنا أسباب تحلطمي وتحلطم الناس لوجدنا غالبها يدور في مؤسسات الدولة وخدماتها، فشخص يتحلطم من الطرق والزحام، وآخر يزيدك قهرا في المستشفيات، ومن الصدمات يسيقون لك العبارات، لترسخ في الرؤوس الصور والأحداث، فتحدث عندنا عقدة من الأماكن والمؤسسات، فبمجرد دخولنا لأي مكان نستذكر المشكلات «أتوماتيكا» لندخل لهم مكرهين لا أبطال، كأننا في خضم معركة، مرددين «يا ناصر الستة على الستين، يا ناصر محمد على القوم الكافرين».
فالمشكلة الرئيسية للتحلطم هي البيروقراطية التي «تردح» في مؤسسات الدولة، فخلقت لنا نوعا جديدا من القيم السيئة كالواسطة والرشاوى والمحسوبية، وكونت لدى المواطن مفاهيم جديدة جعلت منه إنسانا معقدا تغزوه السلبية واللامبالاة تجاه أي اصلاح أو المشاركة في إصلاحه، فرؤيته أنه لا فائدة ترجى من الإصلاح فيكتفي بالتحلطم ثم القهر والحكومة للأسف تستطيع أن تعالج المشاكل وتجد الحلول إن عزمت أو أرادت ذلك، لكنها لن تستطيع أن تعالج النفوس بل ستحتاج لأكثر من 20 سنة لتعالج نتائج إهمالها الذي أدى لتفشي الأمراض النفسية والقيمية، فقول الفرد لابد من الواسطة في كل شيء هو دلالة لمرض نفسي ناتج من اليأس بجدوى القانون والكفاءة، والذي ليست له واسطة يقول نحن مظلومون ليسري في المجتمع بعد ذلك عقدة المواطن المظلوم، وهي للعلم بدأت بالسريان في صفوف المواطنين، فمن سيعالج هذه المشكلة؟ ومتى ستشعر الحكومة بأن التحلطم هو نوع من المرض النفسي بسببها؟ وهل هي تدرك ذلك أم لا؟ ستدرك إن كان هناك شخص خفير. لقد أعجبت شخصيا بخروج حملة تسمى بـ «speak» التي استشعر القائمون عليها بمدى الاكتئاب الذي يغزو الكويت، فالوضع المادي الميسور ليس دليلا على أن المجتمع سليم بل قد يكون العكس، لكني استغربت أن يقول القائمون على هذه الحملة ان من بين 4 أشخاص هناك شخص واحد مصاب بمرض نفسي في العالم ونحن لسنا من المريخ حتى نستبعد أنفسنا من ذلك، فهذا مؤشر خطير غفلت عنه الحكومة، لتدق ناقوس الخطر حرصا على المجتمع وهموا بتوعيته، اشتبين بعد يا حكومة؟ كل شيء وسويناه فمتى تصحون؟
نص سالفة: يا وزير الداخلية، أسألك بالله العظيم لو كان هناك رجل من رجالك ضرب شخصا شتم الكويت وأهلها، هل ستقول له كفو أم ستسجنه دون محاكمة؟ وماذا لو كان الاثنان عسكريين؟ لن أصدر حكمي لأنه حسب، ما بلغني أن من شتم الكويت خرج ولم يحاكم والآخر سجن جزاء لفعلته فانظر يا شيخ للقضية الحاصلة في أمن المنشآت وقف على الحدث فلو حوّل الاثنان للمحاكمة فلن أتكلم ولكن العكس قد حصل، لن أبلع أن تشتم الكويت، فرقابنا فدوة لها ولترابها، وسنضع الأمر بين يديك، لننظر هل الكويت تستحق أن يشتمها من أكل من خيرها ولا يعاقب؟ فإليك القضية والمسألة.
[email protected]
twitter@oaltahous