تظل سورية مهد الحضارات العربية ومركز العلوم بأنواعها، ونظرا لموقعها المميز، فهي الرقعة الاستراتيجية التي يتسابق عليها قادة الجيوش عبر العصور لتكون نقطة دفاعهم ومأواهم في العتاد والتحضر للحروب، فقد مر بها صلاح الدين في طريقه إلى صد الغزو الصليبي القادم من الغرب، ومر بها الظاهر بيبرس عندما واجه الغزو المغولي القادم من الشرق، يتراكم ويتداخل فيها خمسة عشر قرنا فيها تعاقبت الحضارات والإمبراطوريات القديمة والحديثة.
إن دمشق بما تحمله من ثقافة وحضارة وتاريخ وعلم وجمال فإنها رمز لما يجب أن تكون عليه كل دولة عربية تتوق إلى العلم وإلى التطوير.
في دمشق القديمة يجد العربي ذاته، ويستذكر بلدا كانت في يوم مركز تجارة عربيا وعالميا، وكانت التجارة عنصرا محوريا في نشأتها وازدهارها.
وقد أدرك الكاتب البريطاني باتريك سيل أهمية موقعها الجغرافي، فأفصح عن نواياه الآثمة والراغبة في تفكيك الوطن العربي، مشيرا إلى البدء بسورية، فقال (ان الذي يقود الشرق الأوسط لا بد له من السيطرة على سورية، لأسباب عديدة، منها موقع سورية الاستراتيجي الذي يشرق على الممرات الشمالية الموصلة إلى مصر، وعلى الطريق البري بين العراق والبحر الأبيض المتوسط، وعلى شمال الجزيرة العربية والحدود الشمالية للعالم العربي، فسورية مركز مراقبة جيد، يمكن منه رصد سياسات الدول الكبرى!).
وإنه بالنظر إلى ما آلت له حال سورية، فإننا نجد مؤامرة غربية تحققت في تمزيق الوطن العربي، وسورية على الأخص، وهكذا أخذ الوطن العربي يتفكك شيئا فشيئا.
إن التفاف الدول العربية حول بعضها واحتضان سورية هو مطلب إنساني وعالمي قبل كل شيء، وأن تعمل على إعادة إحياء سورية بعد أن قتلتها الحروب الداخلية والتدخلات الدولية وأن تداوي جراحها عبر إعمارها والحفاظ على آثارها الحضارية، خصوصا أن سورية تملك الكثير من الآثار المعترف بأهميتها من قبل منظمة اليونيسكو والتي للأسف تم تدمير الكثير منها.
فواجب الدول العربية المحافظة على ما تبقى من هذه الآثار من الناحية الثقافية ومن الناحية الاجتماعية والعمل على احتواء الإخوة السوريين وإدماجهم في المجتمع وإعطائهم أدوارا فعالة في بناء المجتمع حتى يشعروا بأنهم في وطنهم الثاني، ومن الناحية الاقتصادية تكاتف وتلاحم الدول العربية من أجل إعمار سورية وإعادتها إلى القمة مع الدول العربية.