صالح الشايجي
تحدث الأردنيون المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية والذين كانوا قتلوا بعض الجنود الإسرائيليين، تحدثوا عن أوضاعهم في سجون إسرائيل، وكان مما قالوه في وصفهم للإسرائيليين: إنهم لا يعرفون الإنسانية ولا يتعاملون بها! «انتهى».
لن نستطيع ان نحكم كيف تعامل الإسرائيليون مع أولئك الأردنيين، وهل كانوا - فعلا - غلاظا وقساة و«لا يعرفون الإنسانية»؟! أم انهم أقل مما وُصفوا به على ألسنة المفرج عنهم؟ ولكن الذي نعرفه ان أولئك الأردنيين المفرج عنهم، قد قاموا بقتل بشر وانهاء حياتهم، حتى وإن كان أولئك الإسرائيليون جنودا لـ «دولة عدوة» أو كانت «عدوة» لأن حادث القتل حدث قبل تواقيع اتفاقية الصلح بين إسرائيل والأردن!
أولئك الجنود الإسرائيليون المقتولون لم يكونوا في ميدان معركة ولا في ساحة حرب مع الأردن حتى يحلل أولئك الأردنيون قتلهم! فهم كانوا في نوبة حراسة وقتلوا غيلة وغدرا ولم يقتلوا في ساحة حرب!
إذن من هو الذي «لا يعرف الإنسانية»؟ هل الذي قتل وأزهق أرواحا بشرية «يعرف الإنسانية»؟! وإذا كانت «الإنسانية» تتجسد في القتل، فإن الإسرائيليين - والحال هذه - يكونون على درجة لا متناهية من الإنسانية، بل وربما تفوقوا على الإنسانية ودرجاتها وصورها كلها لأنهم لم يقتلوا من قتل جنودهم، بل وفضلا عن ذلك أطلقوا سراحهم قبل إكمـــال مدة محكوميتهم وأعادوهم إلى بلادهم واستقـــبلتهم الكاميرات والمايكروفونات ليتـــحدثوا ويقولـــوا ما شاءوا!
لست هنا بكل تأكيد بصدد الدفاع عن إسرائيل أو تعاملها مع المسجونين وبالذات من الفلسطينيين ولكنني هدفت الى ان أنبه لتلك المفارقة العجيبة التي تجعل القاتل يتحدث عن «الإنسانية»!