صالح الشايجي
من الخطأ القول بأن لدينا «عادات وتقاليد» خاصة بنا أو هي من منتوجنا الثقافي أو الاجتماعي أو تولد نتيجة الاحتكاك الانساني والذي يفرز «عادات وتقاليد» هي افراز ذلك الاحتكاك وخاصة بتلك البيئة!
أما عدم وجود «عادات وتقاليد» لدينا، فهو ناتج عن صغر عمر مجتمعنا والذي لا يزيد في أقصى حالاته على ثلاثة قرون، هي بدء نشوء حياة اجتماعية على هذه الارض، ظلت في ازدياد أو توسع حتى عشرات قليلة من السنوات الماضية، هي في أقصى مداها لا تتجاوز الاربعين عاما، تم خلالها توطين أو تكويت شرائح بشرية كثيرة أضيفت الى التركيبة الشعبية الكويتية، ما يقلل فرص النماء الثقافي الخاص بالمجتمع، والذي يسمى «العادات والتقاليد»، نظرا للتوارد أو التوافد والتداخل ضمن التركيبة السكانية الموجودة، وهذا لا يساعد بل انه يفكك أي خميرة اجتماعية خاصة.
إن ما نسميه «عاداتنا وتقاليدنا» هو في الحقيقة افتئات على الحقيقة واستلاب لحقوق الآخرين ومحاولة لإضفاء صفات أو مكتسبات لم نبذل جهدا لاكتسابها أو اضفائها، فما لدينا من «عادات وتقاليد» هو بمنتهى الوضوح امتداد للعادات والتقاليد الابتدائية أو البدائية - والبدائية هنا لا تحمل المفهوم السلبي للكلمة بل هي توصيف للظرف الزمني لدى المجتمع حينذاك، والقائم على الصرامة الاجتماعية والفصل الجنسي والتخوف من الجديد، والابتعاد عنه خوفا من الخروج على ثقافتها وعاداتها، ويكون نتيجة ذلك الطرد وربما المطاردة.
هذا ما هو موجود لدينا من عادات وتقاليد، ولم نبتكر أو لم تهيئ لنا ظروف تنشئة وتكوين مجتمعنا فرصة تكوين عادات وتقاليد خاصة بنا، نظرا للاسباب المذكورة ضمن ثنايا ما سبق من سطور في هذه المقالة!
ثمة استثناء وحيد يمكن ايراده للتدليل على وجود «عادات وتقاليد كويتية» وهي الفترة التي ابتدأت في ستينات القرن العشرين واستمرت تقريبا حتى منتصف سبعيناته، حيث ظهرت العادات والتقاليد الكويتية الخالصة، والتي نشأت نتيجة التشرّب الثقافي والاستفادة من المعطيات والمكتسبات التي وفرتها ظروف ذلك الوقت، حيث رأينا انسانا كويتيا متميزا استطاع أن يكسر طوق المحيط ليكون متفردا ومتميزا، قياسا على من حوله، وهي الفترة التي أنجزت الكويت الحقيقية وقدمتها للناس خارج حدودنا الجغرافية، وهي فترة بناء الدولة وعصرنتها، وهذه الفترة لم تدم طويلا، فلقد أُجهضت سريعا، ربما خوفا من هذا الانسان الكويتي الذي صنع له تقاليده وعاداته الخاصة والقائمة على قبول الاخر والتميز والبناء والتفكير القويم والسليم!