صالح الشايجي
إن لي فخرا خاصا واعتزازا بذاكرتي الطفولية والشابة!
وذاكرتي هذه تقول لي ان عينيّ لم تريا - قط - صورة لـ «عبدالله السالم» حاكم الكويت وأميرها - آنذاك، تزدان بها سيارة، أو تزين حائطا في بيت!
قد تكون أعين أخرى فتشت وبحثت واستقصت وضربت «الرمل» و«الودع» و«كتّت فال» فرأت ووجدت! أما الأعين المارة العابرة سبل الكويت وطرقاتها فلا أظنها رأت!
ماذا أقصد بذلك؟!
قصدت ان الولاء الوطني، لم يكن موجودا ضمن منهجية تغرسه في نفوسنا نحن صغار ذلك الزمن أو شبانه، ولا حتى شيبه! كانت الكويت تفخر بأنها «بلاد العرب»، وكأنما الكويتيون لا وطن لهم، أو انهم غير مشمولين بـ «عروبة هذه البلاد»!
حدث الاستقلال، فما الذي حدث وتغيّر؟!
أعلن «عبدالكريم قاسم» عزمه احتلال الكويت وضمها لأنها من بقية «إرث» خالته «العثمانية»!
«عبدالناصر» خذلنا أول الأمر، استنكر تهديدات «قاسم» لفظا، أما الفعل فإنه «مجمّد» في «الفريزر»!
حمانا «الانجليز» من احتضان «قاسم» لنا، عادت بوارجهم لنا فكف «قاسم» وخرس!
ألم يكن «قاسم» قبلها بسنوات ثلاث بطلا نحمل صوره ونهتف له مع الهاتفين «عاش الزعيم عبدالكريم، شعب العراق شعب عظيم»؟!
انبثق «الدستور» عما ظنناه صبحا، فإذا هو ليل بهيم!
الكويت «دولة عربية» دينها «الإسلام»! «لا طبنا ولا غدا الشر»!
كتب الدستور بـ «قلم» عبدالناصر وعروبته، وكأنما الدساتير تكتب ليوم بعينه!
دخل «الإسلام» طرفا جديدا في انتزاع الولاء الكويتي! وبدل ان يكون دينا سماويا مقدسا منزّها، حولناه الى صناديق «الاقتراع»، وصار الولاء له بديلا عن الولاء للوطن، ظنا من أولئك القوم أنهم يعيدون للإسلام مكانته، ولم يدروا أنهم وضعوه في صف واحد مع الوطن! والدين لا معادل له لا وطنا ولا كونا كاملا بتفاصيله كافة، ولكن تجار السياسة صغّروه لأنهم يريدون ان يحلبوا هذا الوطن الذي لا والي له باسم الدين مثلما طلبه الآخرون باسم «القومية» و«الناصرية»، و«الشيوعية» و«البعثية»!
ومازال في قلمي بقايا دامية نازفة على هذا «الوطن» المشاع! فإلى الغد.