صالح الشايجي
شمس لندن حارة حارقة لا تتهاود ولا تتنازل، بل ترسل حرارتها لتذيب الصخر الجلمود!
ومطرها غدار، لا يعطي موعدا ولا إشارة، بل يفاجئ ويباغت! ولكنه شريف ونظيف، فبعد دقائق من توقفه تحتاج لمليون شاهد وشاهد، كي يصدقك من لم ير هطوله قبل دقائق، بأن ثمة مطرا كان وتوقف قبل دقائق، الشوارع تغدو جافة وكأنها لم يمسسها ماء منذ بُسطت! كل شيء ذهب الى حاله وكل قطرة سرت الى حيث مقدر لها ان تسري في جوف الأرض لا فوق سطحها!
لا صافرات لسيارات شرطة او طوارئ مياه او كهرباء، ولم تتوقف حركة القطارات ولم يفزع احد من الهطول المفاجئ للمطر، ولم يقل وزير الأشغال عندهم ان المطر فاجأنا، لأن الانجليز لا يفاجأون وحكومتهم انجليزية مثلهم لا تفاجأ، وكل شيء عندهم بحساب.
شوارع لندن تغص بالسائرين والسائرات، وأزيــاء السائرات، الطف يا لطيف، فليس عندهم لجنـــــة ظواهر سلبيـــــة لتقول لهن «ممنوع» وتحشمن يا نساء، وإلا فإن الاستجواب قادم لا محالة.
الحياة عندهم أسهل بكثير، والحياة عندهم انجاز وعمل وحرية وعدل ومساواة ومسؤولية، شعارهم «دع الخلق للخالق» رغم انهم لم يسمعوا بتلك المقولة، ولكنهم يطبقونها، اما نحن، فنحن الذين ابتدعناها، ولكن لا نطبقها، مثل شعاراتنا وحكمنا وامثالنا كلها! نرددها ونتباهى بحفظنا لها، ولكن لا نطبقها!
هل لدى الانجليز شعارات وامثال وحكم؟!
لا أدري، ولكن الذي أدريه، انهم ليسوا بحاجة لحكم وشعارات، لأنهم فعالون لا قوالون.