حينما فكرت في الكتابة عن سلوكيات بعض الناس في وسائل التواصل الاجتماعي، جاءتني فكرة تصويرها على أنها مجالس مفتوحة لا جدران ولا باب ولا سقف لها، مسموعة ومرئية من جميع الجهات.
وبالمصادفة البحتة وقعت على رأي للكاتب والفيلسوف الإيطالي «أمبرتو ايكو» للموضوع نفسه والتصور نفسه ولكن مع اختلاف بيئي يخص المكان.
يقول «امبرتو ايكو»: «ان وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت الفرصة للحمقى ممن كانوا يهذرون في البارت ولا يسيئون للمجتمع ويمكن إسكاتهم إذا تمادوا، أما في وسائل التواصل الاجتماعي فقد بات لهم الحق في الكلام شأنهم شأن الحاصل على جائزة نوبل، انه غزو البلهاء»!
وهذا ما هو حادث مع الأسف فقد باتت هذه المواقع رهينة في أيدي الكثيرين ممن لا يراعون أنهم يتكلمون علنا لا سرّا وأنّ آراءهم أو كتاباتهم في تلك المواقع هي ليست همسا في الآذان أو سرّا يتبادله اثنان.
تقوم أغلب تلك الآراء على الكراهية والتصنيف اللامنطقي واللاعقلاني، تعليقات وآراء طائشة ولا مسؤولة تصيب في ضررها أقواما وشعوبا وبلدانا وأديانا ومعتقدات، ودون أيّ إحساس يالمسؤولية أو خطورة ما يصيب الآخرين من أضرار نفسيّة، وفجأة تشتعل حروب الكلام وتتقد نار الكراهية، ويصاب الجميع بسهم طائش رماه رامٍ أحمق.
شاهدت في أحد المواقع فيديو لرجل خليجي في محطة بنزين، نزل من سيارته، وخرطوم البنزين في فتحة التعبئة، ولما عاد الى سيارته وكان يتحدث بهاتفه النقال مشى بسيارته ساهيا ومازال خرطوم البنزين في فتحة التعبئة بالسيارة فتدفق البنزين على الأرض ما أحدث حريقا هائلا.
وهو كما نرى مشهد كارثي مرعب، وبدل أن يعلق المعلقون بما يتناسب مع هذا المشهد بعاطفة إنسانية، راحوا يتندرون ويسبون ويسخرون من الخليجيين كلهم، بشماتة وسفالة لا نظير لهما.
ما أتمنى أن يدركه المتعاطون مع وسائل التواصل الاجتماعي، هو أنّهم في هذه الوسائل هم تحت الضوء، وليسوا في مجالس خاصة يفشون فيها ما في قلوبهم من ضغينة أو كره لهذا البلد أو تلك الجماعة أو ذلك المكون الاجتماعي.
وأتمنى أن تصل الرسالة الى الجميع، حتى لا نتباغض ولا نتحاسد، وتشيع الكراهية والحقد بين الناس.
[email protected]