[email protected]
كان مقالي المنشور أمس الأول السبت والذي حمل عنوان «الجهل والتجهيل» مقدمة لمقالي هذا، حيث مهدت لما أكتبه اليوم بذلك المقال الذي لم اجد فيه سعة لمحتوى مقال اليوم.
كنت كتبت عن سياسة تجهيل الشعوب التي استنتها أنظمة الحكم الديكتاتورية الشيوعية مثل الاتحاد السوفييتي والبلدان الواقعة تحت هيمنته.
وهذا الشرر السوفييتي وصل إلى بعض البلدان العربية في سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، فاتخذته بعض الدول نهجا لها ولكن بدرجات متفاوتة، فبينما ارتمت دول ارتماء كاملا في الأحضان السوفييتية، اكتفت دول أخرى بإقامة صداقة عميقة مع الاتحاد السوفييتي والاعتماد عليه في كثير من شؤونها وقلدت طبيعة حكمه القاسية والمتفردة، وأدارت بلدانها على النمط الشيوعي.
تلك البلدان هي البلدان المستقرة التي انقلب بعض عساكرها على حكامها فحولوها إلى جمهوريات تجهيلية فوضوية مستبدة.
نحن الآن كشعوب عربية نعيش نتاج مرحلة التجهيل تلك التي استنتها تلك الأنظمة الانقلابية والتي حولت معظم الناس العرب إلى أدوات للتجهيل ولنشر جهلها على انه معرفة ونور، فهي لم تكتف بجهلها بل تريد نشره على اعتبار أنه الخلاص من المحن المتتالية.
وأخطر ما أفرزه هذا الواقع المسيء والمشين، هو تحول الناس إلى ديكتاتوريين أكثر من حكامهم، ولو عدنا إلى الوراء سنوات قليلة فقط لرأينا كيف أن أحوال شعوب تلك الدول التي تعلقت بصورة أو بأخرى بالنمط الشيوعي، قد ساءت وتردت كثيرا وصارت بلدانها مهددة وشاعت فيها الفوضى بعد ما يسمى بالربيع العربي والذي أقصى حكاما ديكتاتوريين ليأتي بشعوب ديكتاتورية أفرزتها حقب التجهيل التي عاشتها، حتى بتنا نترحم على أيام حكامها الذين أسقطتهم أو قتلتهم.
حين نقول إن عراق صدام حسين خير من عراق ما بعده، فنحن هنا لا نمتدح «صدام» ولكن نقرر حقيقة عشناها وحقيقة مازلنا نعايشها، وكذلك ليبيا القذافي، وإن كانت مصر لم تتأثر كثيرا ولكنها لم تنج تماما من ديكتاتورية الشعب وما أفرزته سياسة التجهيل التي ابتدأت منذ ارتباط الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر بالاتحاد السوفييتي وما قلل الخسارة المصرية هو الفاصل الزمني الكبير بين عبدالناصر وثورة 25 يناير.