كأس العالم لكرة القدم «المونديال» هو عرس عالمي يقام كل أربع سنوات تفرح فيه أمم الأرض وشعوبها جميعا ولا يقتصر الفرح على الدول المشاركة فقط.
أفراح وزينات ومواكب فرح وألوان براقة وبيارق وأغان وأهازيج ورقص وطبول ومزامير وزهور وورود، كل تلك المظاهر البهيجة ترافق ذلك العرس الكروي مع متابعات دقيقة من محبي هذه المستديرة الساحرة التي يتقاذفها اثنان وعشرون فردا وتهفو إليها قلوب المليارات من الناس وتبحلق عيونهم في الشاشات أو في الملاعب مباشرة.
أموال ومراهنات وكاسبون وخاسرون وشركات تحصد الملايين، وينشط اقتصاد البلد المنظم لها ويحصد المليارات.
هذا هو واقع «المونديال» وهذه هي حقيقته، إلا عند العرب فهو غير ذلك تماما بل وعكس ذلك تماما.
هو عند العرب باب للمنازعات والمعايرات والمناوشات والخناقات وجلد الذات وسوطها، ومناحة كبرى وحفلة ندب وشق للجيوب ولطم وصفع وربما موت أيضا، وهذا ليس من باب المبالغة فلقد توفي رياضي مصري متأثرا بهزيمة منتخب بلاده رحمه الله وبدل الفرح حل العزاء واستبد الحزن.
قامت معارك ومناوشات عند العرب على هامش كأس العالم، والإعلام المصري أقام مآتم وأسال دموعا وقلقل وكلكل وجلجل بسبب قيام مجموعة من الفنانين بتلبية دعوة أتتهم من شركة لتشجيع منتخب بلادهم، وانهالت عليهم صليات التجريح من كل حدب وصوب حتى بدا الأمر وكأن هؤلاء الفنانين هم سبب خسارة المنتخب.
ونال الوفد السعودي تأنيب ولوم وعتاب قاس بسبب تقصيره في المباراة.
أما المنتخب التونسي فقد أوكل الأمر إلى السماء حين جمع المدرب أو مسؤول الفريق أفراد فريقه وراح يتلو الأدعية بالفوز واللاعبون يرددون وراءه كلمات الدعاء.
أما على المستوى الشعبي العربي العام وبالذات في الدول العربية المشاركة فقد ابتهل الخلق فيها ورفعوا الأكف إلى السماء وربما ذرفوا دموعا وأخضلت لحاهم منها وهم يدعون بفوز فريقهم.
وتداعت المصليات إلى إقامة الصلوات الجماعية هاتفات بالدعاء بالنصر المبين لفريقهن. وحتى غير المصليات هبط عليهن طائف الإيمان وقر في صدورهن ورحن يدعين بالفوز العظيم.
والنتيجة أن الفرق الأربع عادت إلى بلدانها لا عنب ولا جبة الناطور.
يا أهلي ويا ناسي كأس العالم متعة وفرحة فاستمتعوا وافرحوا ولا تعلقوه على فوز فرقكم وإلا فهو مناحة وسرادق عزاء.
[email protected]