يريد البعض منا أن نحمل نعش الحقيقة على أكتافنا اليسرى إذا ما حملنا نعش ميتنا على أكتافنا اليمنى.
يريدون أن نطمر الحقيقة وندفنها ونهيل عليها تراب النسيان قبل أن ندفن ميتنا ونودعه مثواه الأخير.
إن طمس الحقيقة أو تجاهلها لن يفيد الميت، لن يعيده إلى الحياة، ولن يسعده في قبره.
فسر البعض مع الأسف مقالتي عن الراحل إسماعيل فهد إسماعيل التي نشرت أمس الأول السبت، على أنها لم تعط الراحل إسماعيل حقه، وأنني نزعت عنه صفة الريادة التاريخية للرواية الكويتية!
وفي الحقيقة فإن هذا الأمر آلمني لسببين:
الأول: عدم قدرة هذا البعض اللوام على القراءة الصحيحة والاستنباط الصحيح مما يقرأ، وفقدانه للتمييز وفحص الحروف والجمل.
الثاني: هو ظن هذا البعض أن في نشر الحقيقة إساءة لمن يتحمسون له.
وإضافة لهذين السببين أقول إنه لست أنا من نزع صفة الريادة الروائية عن الراحل إسماعيل، ولكن الوقائع والحقائق هي من نزعت تلك الصفة عن الراحل.
ولذلك أنا استشهدت بما كتبه أديبنا الكبير الراحل «خالد سعود الزيد» وهو الموثق الأمين والمدقق الرصين والمتابع المثابر للحقيقة التي لا يرضيه أن يقتنص غيرها، ولم أنسب الأمر لنفسي، وما كنت إلا مذكرا بالحقيقة ومؤشرا إليها ودالا عليها.
ثم إن هذه الصفة «صفة الريادة في الرواية الكويتية» لم يزعمها الراحل اسماعيل لنفسه ولم يقف في ساحة الصفاة ولم يعتل منبرا أو يرتق سدة ليصيح بأعلى صوته «أنا رائد الرواية الكويتية»!
الراحل إسماعيل لم يقل ذلك عن نفسه، ولم يصف نفسه بصفة ليست فيه.
إن كل ما حدث هو أن بعض المتحمسين للراحل اسماعيل والمتأثرين من وفاته المفاجئة، هم الذين أسبغوا عليه هذه الصفة وألبسوه جلبابا ليس بجلبابه، حبا به وتقديرا له، بحماس صدهم عن نبش الحقيقة أو حتى تلمس طريقها، ظانين أن صفة الريادة تضفي على شخصيته الأدبية هالة وهيبة.
لا لوم على المحبين بل إنهم يستحقون التقدير لوفائهم لمن أحبوه حيا وبقوا على وفائهم له ميتا.
وأطلب المعذرة من كل من فهم مقالتي بصورة خاطئة.
[email protected]