كان شديد التوتر، تغلف صوته رنة حزن وهو يحدثني.
لقد فاجأني صديقي اللبناني الذي لم أعتد منه سوى الهدوء والتروي والابتسامة والمرح، وهو يتحدث هذه المرة بهذه الشاكلة الغريبة عليه والتي لم أره فيها من قبل.
قال لم أكن أتصور أن أجد في عاصمة بلادي وفي أهم شوارعها لافتة مكتوبا عليها «جادة الإمام الخميني»، وهي أول ما تطالعه عينا الداخل إلى لبنان عن طريق المطار الذي يحمل اسم رفيق الحريري.
فهل هذا معقول؟ يتساءل صديقي بحرقة، وما الذي عمله الخميني للبنان حتى يتم تكريمه بمثل هذه الصورة المهينة للشعور الوطني اللبناني.
أفهم أن يكون هناك مطار يحمل اسم رفيق الحريري، فرفيق الحريري رئيس وزراء لبنان بل هو رئيس وزراء استثنائي واستحق أن يخلد بإطلاق اسمه على مطار لبنان.
وأفهم أن تكون هناك مدينة رياضية تحمل اسم كميل شمعون وهو ثاني رئيس للجمهورية بعد الاستقلال، وكذلك ساحات باسم رياض الصلح وبشارة الخوري ومواقع تحمل أسماء آخرين سواء من زعماء لبنانيين أو من جنسيات أخرى كان لها مواقف مشرفة مع لبنان، أما أن يكرم الخميني في لبنان فذاك الذي لا أفهمه.
يضيف صديقي اللبناني وهو يزداد توترا، ما الذي قدمه الخميني للبنان حتى يستحق مثل هذا التكريم. لقد مات قبل ثلاثين سنة ولو كان له فضل على لبنان أو لو كان له مواقف مساندة أو مؤازرة للبنان لما استبطأ المسؤولون كل هذه السنوات حتى يكرموه، ولكانوا أكرموه أول موته لا بعد ثلاثين سنة من موته!
إن هذا دليل، يقول صديقي اللبناني، على أنه لم يكن للخميني أي فضل على لبنان ولكنها السياسة التي تدخلت في كل الأمور وقلبت كل الحقائق.
وما يؤلمني أكثر هو أن يكون على رأس الحكومة اللبنانية التي تم في عهدها تكريم الخميني، السيد سعد الحريري، فهل هوى الحريري يتوافق والهوى الخميني لتقوم الحكومة بتكريم الخميني؟
إني أقول جازما إن هوى الحريري ليس خمينيا، وقرار تكريم الخميني لم يكن قرارا حكوميا، ويختم بقوله: وهذا هو المؤلم!
[email protected]