حزنت على رحيل الوزير الأسبق محمد السنعوسي، وحزنت أكثر لأنني كنت أنتوي أن أكتب عن ذلك العملاق والسوبرمان ومجمع المواهب، والشجاع والجريء خلال حياته، كنت أضرب به المثل حين أسأل عن مواصفات الوزراء أو من يوكل إليهم عمل وطني، كان دائما اسم محمد السنعوسي (رحمه الله) النقطة التي في آخر السطر لا جدال بعدها.
ما يميز أبا طارق أنه كان ثائرا على كل القيود والأعراف، فإذا وضع هدفا أمام عينيه، واقتنع بجدواه، يكرس لتنفيذه كل قواه، لقناعته بأن في عقل وقلب كل إنسان مسؤول مساحة، تحب الخير للوطن وللبشر وهذه المساحة هي ملعبه.
كان (رحمه الله) يملك العديد من المواهب، اختار منها ما يقربه لقلوب الناس فبدأ مع بداية التلفزيون وبدأ خلف الكاميرات فأبدع، ثم أمامها فأقنع، له كاريزما وقبول، أحبه الجميع فأجابوا دعوته، طلب رفع علم الكويت على كل بيت، بالعيد الوطني، فلبست المباني حلة قشيبة بألوان العلم، وأصبحت فكرته، رحمه الله، «تعليق الأعلام» أيقونة الأعياد، وانتقلت لكل الخليج، ولا ننسى فكرته بإنشاء فرقة شبابية تعزف وتغني الموروث الشعبي وتؤدي الرقصات الشعبية بلون حضاري، فكانت «فرقة التلفزيون» نجحت نجاحا واسعا حتى وصل نجاحها الى قاعة هيئة الأمم المتحدة، فغنوا ورقصوا عند منابرها، كذلك أفكاره في مشروع شوبيز الترفيهي والذي أدى نجاحه الباهر إلى اغتيال المشروع، أما إبداعه الغريب فكانت فكرة إنشاء أول فندق في «قرية الجهراء» مكان لا يملك أي مقومات للسياحة أو أي مراكز مالية، قرية بعيدة عن العاصمة، فكانت المفاجأة نجاح المشروع نجاحا نافس أكبر فنادق العاصمة، إنه مشروع لم يجرؤ أحد على مجرد التفكير فيه «كموقع»، إنه الإبداع والجرأة والحس التجاري، إنه فقيد الوطن محمد ناصر السنعوسي المبدع بفطرته، الوفي بوطنيته، الرؤوف بإنسانيته، اختير وزيرا للإعلام فكان الفارس الذي امتطى فرسه لينطلق بها، ولأن للنجاح أعداء فقد تكالبوا عليه خوفا من نجاحه المعتاد، فلم يستقر في منصبه، وهذا هو حال المبدعين في وطني، نحبهم ونقدرهم ولكن لا نقف معهم، ومن غريب المصادفة أن تاريخ وفاته هو 15 نوفمبر وهو بداية انطلاق تلفزيون الكويت.
رحمك الله أبا طارق رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته، ونسأل الله العلي العظيم أن يعوض الكويت برجال أمثالك.
[email protected]